أعلى مراتب الجنة
إن الجنة هي دار النعيم والسرور الأبدي التي أعدها الله تعالى لعباده المتقين، وقد ذكر الله تعالى في كتابه الكريم مراتب الجنة العالية، ومنها:
1- جنة الفردوس
وهي أعلى مراتب الجنة، وقد ورد ذكرها في قوله تعالى: “وَسَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ” (الحديد: 21)، وهي أعظم مكان في الجنة، وأفضل نعيمها، وأكرم أهلها.
وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: “إن في الجنة مائة درجة، بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، وفوق ذلك درجة العليون، لا ينالها إلا المقربون”، وجنة الفردوس هي من مراتب العليين المقربين.
والذي يبلغ درجة العليين هو الذي يكون تقواه لله في السر والعلن، ويطلب مرضاته في كل أعماله، ويكون دائم الذكر لله، ويواظب على الطاعات، وينفق في سبيل الله، ويعين المحتاجين، ويحفظ لسانه عن الكذب والغيبة والنميمة، ويحفظ بصره عن المحرمات، ويحفظ سمعه عن الاستماع إلى ما حرم الله، ويحفظ قلبه عن الحقد والحسد.
2- دار الخلد
وهي المرتبة الثانية بعد جنة الفردوس، وقد ورد ذكرها في قوله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً خَالِدِينَ فِيهَا” (الكهف: 107)، وهي دار لا يخرج منها أهلها أبداً.
وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم دار الخلد بأنها “جنات عدن التي تجري من تحتها الأنهار، خالدين فيها أبداً، ذلك هو الفوز العظيم”، وقال: “إن أهل الجنة لا يرون أنفسهم محرومين من شيء مما فيها، سوى أنهم لا يرجعون إلى الدنيا”.
والذي يبلغ درجة دار الخلد هو الذي يكون سالماً من الشرك، ومخلصاً في عبادته لله، ومؤدياً لما أمر به، واجتناب ما نهاه عنه، ومحافظاً على حدود الله، وصابراً على المصائب، وشاكراً على النعم.
3- جنة النعيم
وهي المرتبة الثالثة بعد دار الخلد، وقد ورد ذكرها في قوله تعالى: “وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً” (النساء: 122)، وهي جنة فيها كل أنواع النعيم واللذات.
وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم جنة النعيم بأنها “جنات عرضها السماوات والأرض، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر”، وقال: “أول زمرة تدخل الجنة، وجوههم كالقمر ليلة البدر، على منابر من نور، في قصور من لؤلؤ، وزوجاتهم الحور العين”.
والذي يبلغ درجة جنة النعيم هو الذي يكون حسن الخلق، وطيب العشرة، ولين الجانب، ووفي بعهوده، وصادق في أقواله وأفعاله، ومحافظ على صلاته وصيامه، ومواظب على ذكر الله، وعفيف لسانه وفرجه.
4- دار السلام
وهي المرتبة الرابعة بعد جنة النعيم، وقد ورد ذكرها في قوله تعالى: “هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ” (الفتح: 4)، وهي دار لا يوجد فيها خوف أو حزن أو ألم.
وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم دار السلام بأنها “دار لا حزن فيها ولا هم، ولا موت فيها ولا مرض، ولا غم فيها ولا تعب، ولا نقص فيها ولا آفة، ولا كبر فيها ولا هرم”.
والذي يبلغ درجة دار السلام هو الذي يكون قنوعاً راضياً بقضاء الله وقدره، وشكوراً على نعمه، وسعيداً بما أعطاه الله له، وراضياً بما قسمه له، ولا يحسد غيره على ما آتاهم الله من فضله.
5- جنة المأوى
وهي المرتبة الخامسة بعد دار السلام، وقد ورد ذكرها في قوله تعالى: “وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ” (البقرة: 82)، وهي جنة يأوي إليها أهلها بعد البعث والنشور.
وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم جنة المأوى بأنها “دار فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، أعدها الله لعباده المتقين”.
والذي يبلغ درجة جنة المأوى هو الذي يكون محافظاً على الصلوات الخمس في أوقاتها، ومواظباً على ذكر الله تعالى، والمتصدقين في سبيل الله تعالى.
6- روضة الرضوان
وهي المرتبة السادسة بعد جنة المأوى، وقد ورد ذكرها في قوله تعالى: “رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ” (المائدة: 119)، وهي جنة فيها رضوان الله تعالى على عباده.
وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم روضة الرضوان بأنها “جنات فيها أنهار من لبن، وأنهار من عسل، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من ماء، وفواكه كثيرة، وظل ممدود”.
والذي يبلغ درجة روضة الرضوان هو الذي يكون صابراً على الشدائد، وشكوراً على النعم، ومحتسباً عند المصائب، وراضياً بقضاء الله تعالى وقدره.
7- دار التقوى
وهي المرتبة السابعة بعد روضة الرضوان، وقد ورد ذكرها في قوله تعالى: “وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ” (البقرة: 282)، وهي جنة فيها تقوى الله تعالى على عباده.
وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم دار التقوى بأنها “جنات فيها قصور من ذهب وفضة، وأنهار تجري من لبن وخمر وعسل، وثمار كثيرة، وظل ممدود”.
والذي يبلغ درجة دار التقوى هو الذي يكون ورعاً تقيّاً، يخاف الله ويتجنب معاصيه، ويقوم بما أمره الله تعالى به، ويبتعد عما نهى عنه، ويحرص على مرضاة الله تعالى في أقواله وأفعاله.