الإفوض أمري لله
مقدمة
“أفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد”؛ عبارة عظيمة قالها سيدنا إبراهيم عليه السلام في موقف صعب مرت به، وهي تجسد ثقة قوية بالله تعالى وإيمانًا عميقًا بتدبيره الحكيم لمخلوقاته. وفي هذا المقال، سنتناول معنى هذه العبارة ومضامينها وآثارها في حياة المسلم.
ثقتنا بالله
إن الإفوض لله يعني تسليم الأمر إليه سبحانه وتعالى، والتوكل عليه في كل أمورنا، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، سهلة أو صعبة. فنحن نؤمن بأن الله هو الخالق المدبر لكل شيء، يعلم كل خفي وسر، وبالتالي فإنه الأقدر على جلب الخير لنا ودفع الشر عنا.
بصيرة الله
ومن أسماء الله الحسنى “البصير”، وهو الذي يرى كل شيء ويحيط علمه بكل صغيرة وكبيرة. لذا فإن إفواتنا أمرنا إليه يعني أننا نثق بأنه يرى ما لا نراه، ويعلم ما لا نعلم، وبالتالي فإننا نترك له الأمر، مطمئنين إلى أنه سيفعل ما هو خير لنا.
راحتنا النفسية
عندما نفوض أمرنا إلى الله، فإننا نرتاح نفسيًا، ونسلم صدورنا له. فنحن نعلم أننا بين يدي من لا يضيع عنده شيء، وأن كل ما يحدث لنا إنما هو بقضاء وقدر، فنتوقف عن القلق والتوجس، ونتوكل على الله في كل أمورنا.
قبول القضاء والقدر
ومن ثمرات الإفوض لله، قبول القضاء والقدر، فلا نكره ما ينزل علينا من أقدار، ونعلم أنه من الله تعالى، ونصبر عليه ونرضى به، ونحسن الظن بالله في ذلك، ونحتسب الأجر عنده سبحانه.
الدعاء والاستغفار
مع الإفوض لله، علينا ألا نترك الدعاء والاستغفار، فنطلب من الله ما نريد ونستغفره على ما فرط منا، ولكن بعد الدعاء ندع الأمر كله لله، ولا نتعجل إجابة دعائنا، فنحن نعلم أن الله حكيم يفعل ما فيه الخير لنا.
التفويض لا يعني الكسل
ومع ذلك، فإن التفويض لله لا يعني الكسل أو التواكل، بل يعني العمل بما أمرنا الله به، واجتناب ما نهانا عنه، ثم ترك النتيجة لله تعالى، فالتفويض لله يعني حسن الظن به، والثقة بتدبيره الحكيم.
خاتمة
إن الإفوض لله هو أحد أعظم أسباب السعادة والراحة في الحياة، وهو من خصائص المؤمنين الصالحين، الذين يثقون بالله ويتوكلون عليه، ويرضون بقضائه وقدره، ويعلمون أن الله بصير بهم، ولن يضيع لهم عملاً. فنسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتفوضين إليه، وأن يرزقنا الطمأنينة والراحة في ظله الحنيف.