الحمد لله على التمام والكمال
الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الأئمة الأطهار.
مقدمة
إن الحمد لله على التمام والكمال هو تعبير عن الشكر والعرفان لله سبحانه وتعالى على إتمام نعمه وإكمال فضله، وهو اعتراف بأن كل ما ننعم به من خير وبركة إنما هو من لدن الله تعالى، وأننا لا حول لنا ولا قوة إلا به.
أولاً: التمام في الخلق
قد أتم الله خلق الإنسان في أحسن تقويم، وأودع فيه من النعم ما لا يحصى ولا يعد، قال تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ [التين: 4]، ورزقه العقل والسمع والبصر، ومكنه من التصرف في الأرض، قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [هود: 7].
ثانياً: الكمال في التكوين
لقد أكمل الله تكوين الإنسان بالوحي والرسالة، قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ [النساء: 105]، وبعث إليه الرسل والأنبياء ليهدوه إلى سواء السبيل، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [إبراهيم: 4].
ثالثاً: التمام في الرزق
قد أتم الله على عباده نعمه بالرزق الوفير، قال تعالى: هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينِ [الذاريات: 58]، ورزقهم من الطيبات ما لا يحصى، قال تعالى: وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ [الأعراف: 10]، وأنزل عليهم الغيث وأخرج لهم الثمرات، قال تعالى: وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ [المؤمنون: 18].
رابعاً: الكمال في الشرع
قد أكمل الله دينه وأتم نعمته على عباده، قال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا [المائدة: 3]، وبيّن لهم الحلال والحرام، والطريق المستقيم من الطريق الملتوي، قال تعالى: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل: 89].
خامساً: التمام في العقل
قد أتم الله على عباده نعمة العقل، وهو أعظم النعم وأجلها، قال تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا [الإسراء: 70]، والعقل هو الذي يميز الإنسان عن سائر المخلوقات، وهو الذي يهديه إلى الصواب ويصرفه عن الخطأ، قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ [غافر: 64].
سادساً: الكمال في الهداية
قد أكمل الله نعمته على عباده بالهداية إلى الصراط المستقيم، قال تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [البقرة: 257]، وبيّن لهم طريق الحق من طريق الباطل، قال تعالى: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى: 52]، وهداهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، قال تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة: 5].
سابعاً: التمام في العافية
قد أتم الله على عباده نعمته بالعافية في الأبدان والقلوب، قال تعالى: وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ [البقرة: 49]، والعافية هي من أعظم النعم وأجلها، وهي التي تمكن الإنسان من القيام بواجباته الدينية والدنيوية على أكمل وجه، قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (33) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ [المؤمنون: 60-61].
خاتمة
الحمد لله على التمام والكمال، نسأله أن يتم علينا نعمه ويحفظنا من كل سوء، وأن يوفقنا لشكره على نعمه الكثيرة التي لا تحصى ولا تعد، وأن يجعلنا من الشاكرين الحامدين، إنه على كل شيء قدير.