اللهم اجبر قلبها وارحم فقيدها
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن مما ابتلي به الإنسان في حياته الدنيا أن يتعرض لفقد أحبائه وذويه، فالموت حق على كل إنسان وهو كأس لا بد للإنسان من تذوقه مهما طال به العمر، فكل نفس ذائقة الموت، وما الحيوة إلا دار ابتلاء واختبار، والإنسان في هذه الدنيا ضيف لا محالة سيرحل عنها عاجلاً أم آجلاً، ولعل من أصعب الأمور على النفس البشرية أن تفقد عزيزاً عليها، فالفراق شعور مر وقاس، وخاصة عندما يكون الفراق بسبب الموت، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
أسباب فقدان الأحبة
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى فقدان الأحبة، ومنها:
– الموت: الموت هو السبب الرئيسي لفقدان الأحبة، وهو حق على كل إنسان لابد منه، ولا يمكن لأحد أن يتفاداه أو يهرب منه مهما طال به العمر.
– الحوادث: تودي الحوادث بحياة الكثير من الناس، سواء حوادث السير أو حوادث العمل أو أي نوع آخر من الحوادث، وقد تؤدي الحوادث إلى فقدان أحد الأحباب أو أكثر.
– الأمراض: تسبب الأمراض المختلفة في فقدان الأحبة، وخاصة الأمراض المزمنة أو الخطيرة التي يصعب علاجها أو الشفاء منها.
أثر فقدان الأحبة على الإنسان
لفقدان الأحبة أثر كبير على الإنسان، ومن هذه الآثار:
– الحزن والاكتئاب: الحزن والاكتئاب من أبرز الآثار التي تصيب الإنسان عند فقدان أحد أحبائه، وقد يستمر الحزن والاكتئاب لفترة طويلة تصل إلى شهور أو حتى سنوات.
– القلق والتوتر: يفقد الإنسان عند فقدان أحد أحبائه الشعور بالأمان والطمأنينة، وقد يصاب بالقلق والتوتر بشأن مستقبله ومستقبل أسرته.
– فقدان الرغبة في الحياة: قد يفقد الإنسان عند فقدان أحد أحبائه الرغبة في الحياة، وقد ينعزل عن العالم الخارجي ويفضل البقاء وحيداً.
كيف نتعامل مع فقدان الأحبة؟
عند فقدان أحد الأحبة، تمر النفس البشرية بمراحل عديدة من الحزن والألم، ومن المهم التعامل مع هذه المراحل بشكل صحيح حتى يتمكن الإنسان من تجاوز هذه المحنة الصعبة، ومن الخطوات التي يمكن اتباعها للتعامل مع فقدان الأحبة:
– تقبل الواقع: يجب على الإنسان تقبل حقيقة فقدان أحد أحبائه وأن يدرك أن الموت حق على كل إنسان، وأن لا فائدة من البكاء والحزن الشديد.
– التعبير عن المشاعر: يجب على الإنسان التعبير عن مشاعره وحزنه، ولا يجب أن يكبت مشاعره داخله، فالبكاء والنحيب من الأمور الطبيعية التي يجب على الإنسان أن يفعلها عند فقدان أحد أحبائه.
– طلب الدعم: يحتاج الإنسان عند فقدان أحد أحبائه إلى دعم من أهله وأصدقائه، ويجب عليه ألا يتردد في طلب المساعدة والدعم من الآخرين.
فضل الدعاء للميت
من أفضل الأعمال التي يمكن للإنسان أن يفعلها عند فقدان أحد أحبائه هو الدعاء له والترحم عليه، والدعاء للميت يعتبر بمثابة الصدقة الجارية التي ينتفع بها الميت، ومن أفضل الأدعية التي يمكن الدعاء بها للميت:
– اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.
– اللهم نور مرقده واعذه في عليين واجزه بالحسنات إحساناً وبالمسيئات غفراناً.
– اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله.
الصبر على فقدان الأحبة
الصبر على فقدان الأحبة من الأمور المهمة التي يجب على الإنسان التحلي بها، فالصبر يعين الإنسان على تجاوز هذه المحنة الصعبة، ومن ثمرات الصبر:
– رضا الله تعالى: يرضى الله تعالى عن الصابرين، ويجزيهم خير الجزاء على صبرهم وثباتهم.
– الأجر العظيم: أعد الله تعالى أجراً عظيماً لمن يصبر على مصائب الدنيا، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه”.
– التوفيق إلى الرشد: الصبر يعين الإنسان على التوفيق إلى الرشد والعمل الصالح، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “وما يصيب العبد من هم ولا حزن إلا قال الله تبارك وتعالى: هل لك أن أذهب همك وأكشف حزنك وترد عافيتك فيقول: نعم، فيقول: اذهب عن عبدي همه وأكشف حزنه وأرد عليه عافيته. اللهم عبدك سألك أن تذهب همه وتكشف حزنه وترد عليه عافيته فأفعل”.
خاتمة
فقدان الأحبة محنة صعبة تمر على الإنسان، ولكن بالإيمان والصبر والثقة بالله تعالى، يمكن للإنسان تجاوز هذه المحنة والاستمرار في حياته، فالموت حق على كل إنسان، ولا مفر منه، والله تعالى يختبر عباده بالموت وغيره من المصائب ليمتحن صبرهم وإيمانهم، وليرفع درجاتهم في الآخرة.