اللهم اختر لي الخير حيث كان ثم ارضني به
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مقدمة
الدعاء من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وهو من أعظم أسباب نيل الخير ودفع الشر، قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: 186]، ومن أفضل الأدعية التي يمكن أن يدعو بها المسلم دعاء:
اللهم اختر لي الخير حيث كان ثم ارضني به
وهو دعاء جامع لكل خير، فالله تعالى أعلم بما يصلح لعباده، وهو أرحم الراحمين بعباده، فإذا وكل العبد أمره إلى الله واختار له الخير، فإنه سيختار له ما هو خير له في دينه ودنياه وآخرته، ويكفيه الله شر ما اختار له، ويرضيه به، ويجعله عونا له على طاعته، كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2-3].
1. تفويض الأمر إلى الله
عندما ندعو الله تعالى أن يختار لنا الخير، فإننا نفوض إليه أمرنا ونوكله به، مؤمنين بأن الله هو الأعلم بما يصلح لنا، وأنه هو الذي يقدر لنا الخير والشر، قال تعالى: ﴿وَلَوْ رَدُّوهَا إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهَا الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهَا مِنْهُمْ﴾ [النساء: 83]، فالله تعالى هو الذي يعلم ما لا نعلم، ويقدر ما لا نستطيع تقديره، فإذا وكلنا إليه أمرنا، فإنه سيختار لنا ما هو خير لنا، قال تعالى: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [آل عمران: 19].
ومن فوائد تفويض الأمر إلى الله، أنه يريح القلب من الهم والغم، وينير البصيرة، ويوصل العبد إلى رضا الله تعالى، قال تعالى: ﴿فَإِنَّمَا عَلَى الرُّسُلِ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [المائدة: 99]، فإذا توكل العبد على الله ورضي بقضائه وقدره، فإن الله سيكفيه همه وغمّه، وسييسر له أموره، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: 3].
ويكون تفويض الأمر إلى الله بأن نسلمه أمرنا ونوكله به، ونرضى بقضائه وقدره، ولا ننازع قدره، ولا نكره ما يصيبنا، قال تعالى: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ [النحل: 53]، فكل ما عندنا من نعمة فمن الله تعالى، وهو الذي يقدر لنا ما نشاء من الخير والشر، فإذا توكلنا عليه وسلمنا أمرنا إليه، فإننا سننال الخير كله، قال تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ [الروم: 30].
2. اختيار الخير المطلق
الله تعالى هو أعلم بما يصلح لعباده، وهو الذي يقدر لهم الخير المطلق، قال تعالى: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ﴾ [التوبة: 16]، فالله تعالى يعلم ما في قلوبنا، ويعلم ما نحتاج إليه وما يضرنا، وهو الذي يقدر لنا الخير المطلق، قال تعالى: ﴿وَيَخْتَارُ اللَّهُ﴾ [الأنفال: 44]، فالله تعالى هو الذي يختار لنا ما يصلح لنا، قال تعالى: ﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الظَّاهِرَ