اللهم أنت حسبي ووكيلي
اللهم أنت حسبي ووكيلي، هذا الدعاء الجليل الذي يتضمن معاني العبودية لله تعالى والتسليم التام له والتوكل عليه وحده. ومن أكثر ما يميز هذا الدعاء أنه يرتبط بموقف معين وهو موقف سيدنا موسى عليه السلام بصحبة بني إسرائيل عندما ضيق عليهم فرعون وحاصره، وبينما هم في هذا الحال أمرهم الله تعالى أن يسيروا في البحر، ففزعوا واعترضوا وقالوا: “إنّا لمدركون”، وهذا يدل على أنهم لم يتيقنوا بصدق وعد الله لهم، فعند ذلك قال سيدنا موسى عليه السلام: “كلا إن معي ربي سيهدين”.
1. معنى حسبي
كلمة “حسبي” تعني كافيني، وهذه الكلمة تدل على معنى القناعة والرضى بما قسم الله تعالى لعبده، فهي تعني أن الله تعالى وحده هو الكافي لعبده في كل أموره، فهو الذي يكفيه شر أعدائه، وهو الذي يكفيه مؤونة الحياة، وهو الذي يكفيه في الآخرة من عذاب النار.
وهذا المعنى يتجلى في قول سيدنا إبراهيم عليه السلام: “حسبي الله ونعم الوكيل”، فكان هذا القول من سيدنا إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، فكان يقصد بهذا القول أن الله وحده هو الكافي له في إطفاء النار.
ويقول العلماء أن من كان الله حسبه وكافيه، فإنه لا يحتاج إلى أحد من خلقه، فالله وحده هو الغني الحميد، وهو وحده القادر على إعطاء العبد كل ما يحتاج إليه من رزق وصحة وعافية.
2. معنى وكيل
أما كلمة “وكيل” فتعني المتعهد بأمر غيره، وهي تدل على معنى التفويض لله تعالى في كل الأمور، والاعتماد عليه وحده في تدبير هذه الأمور، والتسليم الكامل له في قضائه وقدره.
وهذا المعنى يتجلى في قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله وكيل على كل مؤمن”، ففي هذا الحديث النبوي الشريف يبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى هو الوكيل على كل مؤمن، أي أنه المتعهد بأمره، والمدبر لشأنه، والكافي له في كل الأحوال.
ومن كان الله وكيلاً له، فإنه لا يحتاج إلى أحد من خلقه، فالله وحده هو القادر على تدبير أمور عباده، وهو وحده القادر على حمايتهم من كل شر.
3. فضل هذا الدعاء
وردت الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تبين فضل هذا الدعاء العظيم، ومن هذه الأحاديث ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قال حين يصبح وحين يمسي: اللهم أنت حسبي ووكيلي، فيكفيك الله تعالى ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك”.
وهذا الحديث النبوي الشريف يدل على أن من داوم على قراءة هذا الدعاء العظيم، فإن الله تعالى يكفيه كل ما يهمه من أمر دنياه وآخرته، وهذا من فضل الله تعالى وكرمه على عباده.
ومن فضل هذا الدعاء العظيم أنه دعاء شامل لكل ما يحتاج إليه العبد في دنياه وآخرته، فهو دعاء رزق وعافية وصحة، وهو دعاء نصر وتمكين، وهو دعاء عون وتوفيق، وهو دعاء خير في الدنيا والآخرة.
4. أسباب تكرار هذا الدعاء
هناك العديد من الأسباب التي تدعو إلى تكرار هذا الدعاء العظيم، ومن هذه الأسباب:
- لأنه دعاء جامع شامل لكل ما يحتاج إليه العبد في دنياه وآخرته.
- لأنه دعاء مستجاب، فقد وردت الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تبين فضله.
- لأنه دعاء يزيد في الإيمان والتوكل على الله تعالى.
- لأنه دعاء يطرد الشيطان ويحبط كيده.
- لأنه دعاء يجلب الرزق ويدفع البلاء.
5. متى يقال هذا الدعاء
يمكن قراءة هذا الدعاء العظيم في أي وقت من اليوم أو الليل، ولكن يفضل قراءته في أوقات معينة، ومن هذه الأوقات:
- عند الصباح والمساء.
- عند النوم.
- عند الخروج من المنزل.
- عند الدخول إلى المنزل.
- عند مواجهة أي مشكلة أو ضيق.
6. أهمية التوكل على الله تعالى
إن التوكل على الله تعالى من أهم الأمور التي يجب أن يتحلى بها المسلم، فالتوكل هو الاعتماد على الله تعالى وحده في كل الأمور، وهو التفويض إليه في تدبير هذه الأمور، وهو التسليم الكامل له في قضائه وقدره.
والتوكل على الله تعالى من أسباب النصر والتمكين، ومن أسباب العون والتوفيق، ومن أسباب الرزق والعافية.
ومن كان متوكلاً على الله تعالى، فإن الله تعالى يكفيه كل ما يهمه من أمر دنياه وآخرته، وهذا من فضل الله تعالى وكرمه على عباده.
7. كيف نربي أبناءنا على التوكل على الله تعالى
إن تربية الأبناء على التوكل على الله تعالى من أهم الأمور التي يجب أن يهتم بها الآباء والمربون، ويمكن تربيتهم على ذلك من خلال:
- تعليمهم معنى التوكل على الله تعالى، وأهميته.
- غرس الإيمان في نفوسهم، وإقناعهم بأن الله تعالى هو وحده القادر على تدبير الأمور.
- تعويدهم على الدعاء والتقرب إلى الله تعالى.
- اصطحابهم إلى المساجد وحلقات العلم.
- توجيههم إلى قراءة كتب السيرة النبوية، وقصص الأنبياء والصحابة.
الخاتمة
اللهم أنت حسبي ووكيلي، هذا الدعاء العظيم الذي يشتمل على العديد من المعاني الجليلة، كالتسليم لله تعالى والتوكُّل عليه وحده، هذا الدعاء الذي فضله كبير وعظيم، فينبغي للمسلم أن يواظب على قراءته في أوقات مختلفة من اليوم والليل، فإنه دعاء مستجاب، ويجلب الخير والبركة، ويصرف السوء والشر بإذن الله تعالى.