حصن نفسك بالدعاء
ورد في الأثر عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: “حصنوا أموالكم ودينكم وأهليكم وأولادكم بالله، فإنه حصن حصين”.
فالدعاء هو حصن العبد المسلم في الدنيا والآخرة، فهو سلاح المؤمن، ووقايتُه من كل شر وبلاء، ومن خلاله يتقرب إلى ربه ويسأله من فضله، ويستجلب منه الرحمة والمغفرة والرزق.
ومن الأدعية المأثورة التي وردت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعاء تحصين النفس، والذي من خلاله يحصن المسلم نفسه من كل سوء، وهو:
اللهم حصنت نفسي بكلماتك التامة من شر ما خلقت
يقول العبد المسلم في دعائه هذا: “اللهم حصنت نفسي بكلماتك التامة”، أي حصنت نفسي بما أنزلته يا الله من آيات محكمة وكلمات تامة، وهي القرآن الكريم والسنة النبوية، والتي تحفظ بهما نفسي من كل سوء ومن كل شر، فهي الوقاية والحصن الذي لا يُغلَب، قال الله تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ [الإسراء: 82]
ويقول: “من شر ما خلقت”، أي من شر جميع المخلوقات التي خلقتها يا الله، ومن شرورها ومكائدها، فالدعاء حصن من شرور الجن والإنس والحيوان، ومن شر كل ذي شر، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “عليكم بالأذكار، فإنها حصون من الشيطان” رواه أحمد وابن حبان.
ويدعو بهذا الدعاء في أوقات الصباح والمساء، وفي وقت النوم، وفي كل حين، حتى يحفظه الله من كل سوء، ويجعله في عافية وسلامة.
اللهم إني أعوذ بكلماتك التامة من غضبك وسوء عذابك
ويقول المسلم في دعائه: “اللهم إني أعوذ بكلماتك التامة من غضبك”، أي أعوذ بك يا الله بكلماتك الكاملة من غضبك الذي يصيب به العصاة والمجرمين، فإن غضبك شديد وعذابك أليم، ولا طاقة لنا به يا رب، قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [إبراهيم: 28-29]
ويقول: “وسوء عذابك”، أي من سوء عذابك يا الله، فإن عذابك شديد وثقيل، لا يطيقه أحد من خلقك، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ [إبراهيم:42]
ويسأل المسلم الله تعالى بهذا الدعاء أن يعيذه من غضبه وسوء عذابه بكلماته التامة، وأن يحفظه من كل مكروه وسوء.
اللهم إني أعوذ بك من شرور نفسي ومن شر الشيطان وشركه
ويقول المسلم في دعائه: “اللهم إني أعوذ بك من شرور نفسي”، أي من شر ما يأتي من نفسي من وساوس وخواطر سيئة، فإن النفس أمارة بالسوء، قال الله تعالى: ﴿وَإِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [يوسف:53]
ويقول: “ومن شر الشيطان”، أي من شر إبليس وجنوده من الشياطين، فإنهم يوسوسون للإنسان ويحرضونه على المعاصي والشرور، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [فاطر:6]
ويقول: “وشركه”، أي من شرك إبليس وجنوده، فإنهم يدعون إلى الشرك بالله تعالى، ويحاولون إضلال الناس عن دينهم، قال الله تعالى: ﴿إِنَّهُ قَالَ لِي أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ [ص:76]
ويسأل المسلم الله تعالى بهذا الدعاء أن يعيذه من شرور نفسه ووساوسها، ومن شر الشيطان وشركه، وأن يحفظه من كيدهم ومكرهم.
اللهم إني أسألك من خير ما سألك منه عبدك ونبيك
ويقول المسلم في دعائه: “اللهم إني أسألك من خير ما سألك منه عبدك ونبيك”، أي من أفضل ما سألك منه نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، فإن نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم- قد سأل ربه من الخير الكثير، وقد علمنا الله تعالى بعض ما سأله فقال: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [البقرة: 201]
ويسأل المسلم الله تعالى بهذا الدعاء أن يمن عليه من خيري الدنيا والآخرة، وأن يحفظه من عذاب النار، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [النساء:13]
ويقول: “محمد”، أي عبدك ونبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-
اللهم إني أسألك من خير ما سألته ملائكتك المقربون
ويقول المسلم في دعائه: “اللهم إني أسألك من خير ما سألته ملائكتك المقربون”، أي من أفضل ما سألك إياه ملائكتك المقربون، فإن ملائكة الله المقربين يسألون الله تعالى من الخير الكثير، وهم أعلم الخلق بما عند الله من خير، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ﴾ [الأعراف:206]
ويسأل المسلم الله تعالى بهذا الدعاء أن يمن عليه من خيري الدنيا والآخرة، وأن يحفظه من عذاب النار، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيه