الله لطيف بعباده يرزق من يشاء
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين. الحمد لله الذي بيده ملكوت كل شيء، والذي يتوكل عليه المتوكلون. الحمد لله اللطيف بعباده، الرزاق الذي يرزق من يشاء بغير حساب.
لطف الله تعالى بعباده
أنزل الله تعالى آيات كثيرة في كتابه العزيز تبين لنا مدى لطفه بعباده، ومن هذه الآيات قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ﴾ [الشورى: 19]. وقد فسر العلماء لفظ “لطيف” في هذه الآية بمعنى الرفق واللين والرحمة، وهو ما يعني أن الله تعالى يتعامل مع عباده برأفة عظيمة.
ويظهر لطف الله تعالى بعباده في جميع أمورهم، سواء في الرزق أو الصحة أو العافية أو غير ذلك. فالله تعالى هو الذي يرزق العباد من حيث لا يحتسبون، وهو الذي يمن عليهم بالصحة والعافية، وهو الذي يكشف عنهم البلاء والضر.
وقد ذكر الله تعالى في كتابه العزيز أن لطفه بعباده يظهر حتى في أشد الظروف، فقال تعالى: ﴿وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [العنكبوت: 60]. فحتى الحيوانات التي لا تقدر على حمل رزقها، يكفل الله تعالى لها الرزق من حيث لا تعلم.
رزق الله تعالى لعباده
الله تعالى هو الرزاق الذي يرزق من يشاء بغير حساب، فكل ما في الكون من رزق، سواء كان طعامًا أو شرابًا أو ملبسًا أو مسكنًا أو غير ذلك، فهو من فضل الله تعالى وإحسانه.
وليس الرزق محصورًا في المال والطعام والشراب، بل يشمل كل ما ينتفع به الإنسان في حياته، سواء كان ماديًا أو معنويًا. فالصحة والعافية والسعادة والراحة وغير ذلك، كلها من رزق الله تعالى.
وقد قسم الله تعالى الرزق بين عباده بحكمته البالغة، فمنهم من وسع عليه في الرزق، ومنهم من قدر عليه، ولكل إنسان رزق محدد قدره الله تعالى له، ولا يزيد أحد على رزقه ولا ينقص.
فضل التوكل على الله تعالى
التوكل على الله تعالى من أهم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وهو من علامات الإيمان القوي بالله تعالى. والتوكّل هو تفويض الأمور إلى الله تعالى مع بذل الأسباب، والإيمان بأن الله تعالى هو المتكفل برزق العباد.
وقد حثنا الله تعالى على التوكل عليه في كثير من آيات كتابه العزيز، ومن هذه الآيات قوله تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: 3]. وقوله تعالى: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ [الأحزاب: 3].
والمتوكل على الله تعالى يجد في قلبه سكينة وطمأنينة، ويعلم أن الله تعالى كفيله في الدنيا والآخرة.
فضل الدعاء في طلب الرزق
الدعاء من أهم الوسائل التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، وهو من العبادات التي حثنا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد ورد في السنة النبوية الكثير من الأدعية التي يمكن للعبد أن يدعو بها في طلب الرزق، ومن هذه الأدعية دعاء سيدنا موسى عليه السلام الذي دعا به ربه فقال: ﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ [القصص: 24].
والمؤمن الصادق يلح في دعائه إلى الله تعالى، ويدعو ربه بكثرة التضرع والإلحاح، فإن الله تعالى يحب من يلح في الدعاء إليه.
وجوب العمل في سبل الرزق الحلال
على الرغم من أن الرزق بيد الله تعالى يقسمه بين عباده بحكمته البالغة، إلا أن ذلك لا يعفي الإنسان من العمل والسعي في طلب الرزق الحلال.
فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أمرنا بالعمل والسعي في طلب الرزق الحلال، فقال عليه الصلاة والسلام: “طلب الحلال فريضة على كل مسلم”.
والمؤمن الصادق يعمل في سبل الرزق الحلال، ولا يتكاسل أو يستسلم لليأس، فإن الرزق يأتي مع العمل والسعي.
الحرص على الشكر لله تعالى على نعمه
من أعظم ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى أن يشكره على نعمه التي لا تحصى، ومن أعظم هذه النعم نعمة الرزق.
والمؤمن الصادق يحرص على شكر الله تعالى على نعمة الرزق، فيقول عند كل نعمة: “الحمد لله”، ويقول عند الأكل: “بسم الله”، ويقول بعد الأكل: “الحمد لله”.
وشكر الله تعالى على نعمه يوجب زيادة هذه النعم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير”.
الاعتبار بقصص الأنبياء والمرسلين في طلب الرزق
في قصص الأنبياء والمرسلين الكثير من العبر والعظات، ومن هذه العبر والعظات ما يتعلق بطلب الرزق والثقة بالله تعالى.
فعلى سبيل المثال، نجد أن سيدنا إبراهيم عليه السلام هاجر من وطنه وأهله وترك أرضه وراءه، وتوكل على الله تعالى في رزقه، فوفقه الله تعالى وجعله إمامًا للمتقين.
ونجده أيضًا سيدنا يوسف عليه السلام الذي صبر على ما أصابه من البلاء والمحن، وتوكل على الله تعالى في رزقه، فرفعه الله تعالى وأعزه وأصبح ملكًا على مصر.
وفي قصص الأنبياء والمرسلين الكثير من العبر والعظات التي تدل على أن الله تعالى هو الرزاق ذو الفضل العظيم، وأنه يكفي عباده إذا توكلوا عليه.
الخاتمة
الله لطيف بعباده يرزق من يشاء بغير حساب، وهو الرزاق الذي يقسم الأرزاق بين عباده بحكمته البالغة. والتوكّل على الله تعالى من أهم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وهو من علامات الإيمان القوي بالله تعالى.
والدعاء من أهم الوسائل التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، وهو من العبادات التي حثنا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعلى الرغم من أن الرزق بيد الله تعالى يقسمه بين عباده بحكمته البالغة، إلا أن ذلك لا يعفي الإنسان من العمل والسعي في طلب الرزق الحلال. والمؤمن الصادق يحرص على شكر الله تعالى على نعمه، وهو من أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه.