الرفق في الإسلام
الرفق من الأخلاق الفاضلة التي حث عليها الإسلام، وهو ضد العنف والخشونة، وهو خلق عظيم يُعامل به الإنسان غيره بالإحسان واللطف، وقد وصفه رسول الله صَلّ اللهُ عليه وسلّم بأنه “ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه”، ومعاني الرفق كثيرة منها:
رفق الإنسان مع نفسه
ويكون بعدم إتعابها أو إجهادها بما لا تطيق، ومعاملتها بالحسنى وعدم تكليفها فوق طاقتها، ومن أمثلة الرفق بالنفس:
- الحرص على صحة الجسد بأكل الطعام الصحي وممارسة الرياضة.
- الحرص على صحة العقل وتنميته بالقراءة والتفكير.
- الحرص على صحة الروح بالإكثار من ذكر الله والصلاة وقراءة القرآن.
رفق الإنسان مع الآخرين
ويكون بالتعامل معهم بالحسُن من القول والفعل، وعدم إيذائهم بالقول أو بالفعل، ومن أمثلة الرفق مع الآخرين:
- ابتسامة في وجه من تقابله.
- مساعدة المحتاجين.
- رعاية الوالدين وبرهما.
رفق الإنسان مع الحيوان
ويكون بالإحسان إليه وعدم إيذائه، ومن أمثلة الرفق بالحيوان:
- الرفق بالدواب واستخدامها فيما أُبيحت له.
- تقديم الطعام والشراب للحيوانات.
- عدم إيذاء الحيوان أو قتله بدون سبب.
رفق الإنسان مع الجماد
ويكون بالحفاظ عليه وعدم إتلافه، ومن أمثلة الرفق بالجماد:
- الحفاظ على النباتات والبيئة.
- عدم إلقاء القمامة في الأماكن العامة.
- ترشيد استهلاك الماء والكهرباء.
رفق الإنسان مع أهله
ويكون بالتعامل معهم بالرحمة والمودة، ومن أمثلة الرفق بالأهل:
- حسن معاملة الزوجة.
- طاعة الوالدين.
- بر الإخوة والأخوات.
رفق الإنسان مع ضيوفه
ويكون بحسن استقبالهم وإكرامهم، ومن أمثلة الرفق بالضيوف:
- إعداد الطعام والشراب.
- توفير مكان مناسب للنوم.
- اصطحاب الضيوف إلى الأماكن السياحية.
رفق الإنسان في العمل
ويكون بالتعامل مع زملائه بحسن الخلق، ومن أمثلة الرفق في العمل:
- مساعدة الزملاء.
- عدم التنافس غير الشريف.
- الحفاظ على أسرار العمل.
الرفق في القول
ويكون باللين واللطف، ومن أمثلة الرفق في القول:
- استخدام الكلمات اللطيفة.
- عدم رفع الصوت.
- عدم السخرية أو الاستهزاء.
الرفق في الفعل
ويكون بعدم إيذاء الآخرين، ومن أمثلة الرفق في الفعل:
- عدم الضرب أو الشتم.
- مساعدة المحتاجين.
- عدم التعدي على حقوق الآخرين.
فضل الرفق
للرفق فضلٌ كبير في الدنيا والآخرة، فقد قال رسول الله صَلّ اللهُ عليه وسلّم: “ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”، ومن ثمرات الرفق في الدنيا:
- محبة الناس.
- سهولة الأمور.
- التوفيق والسعادة.
من ثمرات الرفق في الآخرة
- رحمة الله تعالى.
- دخول الجنة.
- رفع الدرجات.
الرفق طريق للسلم الاجتماعي
الرفق طريق للسلم الاجتماعي، فإذا عُمّ الرفق بين الناس، زالت الخصومات والنزاعات، وساد الأمن والطمأنينة، قال تعالى: “وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله”، وقد أمرنا رسول الله صَلّ اللهُ عليه وسلّم بالرفق في كل أمورنا، قال: “إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه”، وجعل الرفق من علامات الإيمان، قال: “المؤمن اللين، وليس المؤمن الفاحش المتفحش”.
الرفق في القرآن الكريم
ورد الرفق في القرآن الكريم في مواضع عديدة، منها قوله تعالى: “هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون”، وقد وصف الله تعالى نبيه محمد صَلّ اللهُ عليه وسلّم بأنه رءوف رحيم، قال تعالى: “لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم”، وقد جعل الله الرفق من صفات المؤمنين، قال تعالى: “والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً”.
الرفق في السنة النبوية
حَثَّ النبي صَلّ اللهُ عليه وسلّم على الرفق وحذّر من العنف والخشونة، وقد قال في وصيته لأبي ذر الغفاري: “يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإن هذا العمل شديد، فاحرص على ما تطيق”، وقال في حديث آخر: “ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله”.
الرفق في حياة الصحابة
كان الصحابة الكرام يتحلون بالرفق في أقوالهم وأفعالهم، ومن أشهر القصص التي تُروى عنهم في هذا الصدد قصة الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص، الذي كان يمر على جارية تضرب جارية أخرى، فقال لها: “مهلاً، فإن الرفق بالقوارير”، فكانت هذه الكلمة سبباً في إسلامها.
الرفق في حياة التابعين
سار التابعون على نهج الصحابة في التحلي بالرفق، ومن أشهر القصص التي تُروى عنهم في هذا الصدد قصة التابعي الجليل الحسن البصري، الذي كان يوماً يمشي في السوق فرأى جارية صغيرة تبكي، فسألها عن سبب بكائها، فقالت له: “لقد أرسلتني مولاتي إلى السوق لأشتري لها شاة، وقد ضاعت مني”، فقال لها الحسن: “مهلاً يا بنية، ولا تحزني”، ثم ذهب إلى جزار واشترى لها شاة، ودفع ثمنها من ماله الخاص.
الرفق في حياة الأئمة
كان الأئمة الأربعة يتحلون بالرفق في أقوالهم وأفعالهم، ومن أشهر القصص التي تُروى عنهم في هذا الصدد قصة الإمام الشافعي، الذي كان يوماً يمشي في الطريق فرأى رجلاً يضرب بغلاً، فقال له: “مهلاً، فإن الرفق بالبهائم واجب”، فكانت هذه الكلمة سبباً في توبة الرجل.
خاتمة
الرفق خلق عظيم يُعامل به الإنسان غيره بالإحسان واللطف، وهو ضد العنف والخشونة، وقد وصفه رسول الله صَلّ اللهُ عليه وسلّم بأنه “ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه”، وحث الإسلام على الرفق في كل أمورنا، وهو طريق للسلم الاجتماعي، ومن ثمرات الرفق في الدنيا والآخرة.