القاضي عياض
القاضي عياض بن موسى اليحصبي السبتي (476-544 هـ) فقيه ومحدث مالكي، وكاتب أندلسي من أهل سبتة بالمغرب، اشتهر بتصنيفه كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى، وهو من أبرز مؤلفاته وأشهرها على الإطلاق، كما اشتهر أيضًا بتفسيره المسمى “مشارق الأنوار”، وله العديد من المؤلفات الأخرى.
نشأته وتعليمه
ولد القاضي عياض في سبتة بالمغرب عام 476 هـ، ونشأ في أسرة علمية، فوالده كان قاضيًا وفقيهًا، وعمه كان عالمًا في علوم الحديث.
تلقى عياض تعليمه الأولي في سبتة، ثم انتقل إلى قرطبة ودرس على يد كبار علمائها، ثم رحل إلى المشرق، حيث مكث في الحجاز ومصر والشام والعراق، وتتلمذ على يد كبار شيوخ تلك البلاد في علوم الحديث والفقه والتفسير وغيرها.
بعد عودته إلى الأندلس، استقر في غرناطة، وعُيّن قاضيًا لها، ثم انتقل إلى مراكش وعُيّن قاضيًا للقصر هناك.
مؤلفاته
ترك القاضي عياض العديد من المؤلفات القيمة في مختلف العلوم الإسلامية:
الشفا بتعريف حقوق المصطفى
وهو أشهر مؤلفاته على الإطلاق، وهو موسوعة فقهية ضخمة في السيرة النبوية، جمع فيها كل ما يتعلق بالسيرة النبوية من أحكام شرعية وآداب وتاريخ، وقد اعتمد فيه على مصادر كثيرة ومراجع متنوعة.
مشارق الأنوار على صحاح الآثار
وهو تفسير للقرآن الكريم، يجمع بين التفسير اللغوي والبياني والتأويلي، ويعتمد فيه على مصادر كثيرة من تفسير السلف الصالح.
المدارك في ذكر محاسن شيوخ أفريقيا والأندلس
وهو كتاب في تراجم شيوخ الأندلس والمغرب، يذكر فيه أسماءهم وأنسابهم ومشايخهم وتلاميذهم ومؤلفاتهم، وهو مرجع مهم في تاريخ علماء الأندلس والمغرب.
الغنية في مسائل الخلاف
وهو كتاب فقهي يجمع فيه مسائل الخلاف بين المذاهب الفقهية، ويناقشها بشيء من التفصيل.
الاعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام
وهو كتاب في تراجم علماء مراكش وأغمات، يذكر فيه أسماءهم وأنسابهم ومشايخهم وتلاميذهم ومؤلفاتهم، وهو مرجع مهم في تاريخ علماء المغرب.
ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك
وهو كتاب في فهرسة كتب المذهب المالكي، يذكر فيه أسماء الكتب وأسماء مؤلفيها، وهو مرجع مهم في علم الفهرسة.
الكامل في ضعفاء الرجال
وهو كتاب في الجرح والتعديل، يجمع فيه أسماء الرواة الضعفاء الذين رووا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويبين أسباب ضعفهم.
مكانته العلمية
كان القاضي عياض من كبار علماء الأندلس والمغرب في عصره، وقد حظي بمكانة علمية مرموقة، وأشاد به العديد من العلماء والمؤرخين.
وصف ابن خلدون القاضي عياض بأنه “أحد الأئمة الكبار في المذهب المالكي، وله فضل كثير في العلم والتصنيف”، وقال عنه ابن الأثير: “كان القاضي عياض أحد أئمة الحديث والفقه والتفسير، وكان كثير العلم حسن التصنيف”.
وقد أثرت مؤلفات القاضي عياض في العلماء اللاحقين، ولا تزال تُعد من المراجع الأساسية في علوم الحديث والفقه والتفسير والتراجم.
وفاته
توفي القاضي عياض في مراكش عام 544 هـ، وقد نُقل جثمانه إلى سبتة مسقط رأسه، ودُفن هناك.