التسامح قيمة إنسانية عظيمة
التسامح هو أحد أهم الأخلاقيات الإنسانية التي يجب أن يتحلى بها كل فرد، وهو يعني العفو عن الخطأ أو الإساءة وعدم السعي للانتقام أو الرد بالمثل. والتسامح لا يعني الضعف أو الخنوع، وإنما يعني القوة والسمو الأخلاقي الذي يعلى من شأن صاحبه.
التسامح في الإسلام
حث الإسلام على التسامح واللين في التعامل مع الآخرين، حتى مع الأعداء، فقد قال الله تعالى: “وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ” (النحل:126). كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير”، أي أن المؤمن القوي الذي يتحمل الأذى ويسامح هو أفضل من المؤمن الضعيف الذي يسارع إلى الانتقام.
التسامح في المسيحية
دعا السيد المسيح إلى التسامح ومحبة الأعداء، فقال: “أقول لكم: أحبوا أعداءكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويضطهدونكم” (متى5:44). كما قال: “لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن، حول له الآخر أيضًا” (متى5:39).
التسامح في البوذية
التسامح هو أحد المبادئ الأساسية في البوذية، ويؤمن البوذيون أن الغضب والرغبة في الانتقام هما من مصادر المعاناة، وأن التسامح هو السبيل لتحقيق السلام الداخلي والتنوير.
فوائد التسامح
للتسامح العديد من الفوائد على الفرد والمجتمع، ومنها:
التخلص من المشاعر السلبية: يحمل العفو عن الآخرين والتسامح لهم أثرًا إيجابيًا على الصحة النفسية، إذ يساعد على التخلص من المشاعر السلبية مثل الغضب والحقد والكراهية، والتي قد تؤدي إلى مشاكل صحية وجسدية.
تحسين العلاقات: يساهم التسامح في تحسين العلاقات بين الأفراد، إذ أنه يساعد على تجاوز الخلافات وإعادة بناء الثقة بينهم، وبالتالي تعزيز الروابط الاجتماعية.
خلق مجتمع أفضل: ينشر التسامح ثقافة الترابط والوئام في المجتمع، ويساعد على الحد من العنف والصراعات، وبالتالي خلق بيئة أكثر أمانًا واستقرارًا للجميع.
أسباب التسامح
هناك العديد من الأسباب التي تدعو إلى التسامح مع الآخرين، ومنها:
الوعي بأن الجميع يخطئ: يحتاج المرء إلى إدراك أن الجميع معرض لارتكاب الأخطاء، وأن لا أحد معصومًا عنها، وأن التسامح هو أفضل طريقة للتعامل مع الأخطاء التي يرتكبها الآخرون.
الرحمة والشفقة: إن التسامح مبني على الرحمة والشفقة تجاه الآخرين، إذ أن المرء يدرك أنهم أيضًا بشر يعانون من المشاكل والضعف، ويحتاجون إلى مسامحة الآخرين.
التعلم من الأخطاء: يساعد التسامح على التعلم من الأخطاء سواء كانت أخطاء الآخرين أو أخطاء المرء نفسه، إذ أنه يوفر فرصة لإعادة التفكير في المواقف وتجنب تكرارها في المستقبل.
كيف تتسامح؟
التسامح ليس بالأمر السهل، ولكنه أمر ممكن من خلال اتباع بعض الخطوات، ومنها:
الاعتراف بالأذى الذي تعرض له: أولى خطوات التسامح هي الاعتراف بالأذى الذي تعرض له الشخص، والمشاعر التي ولدها ذلك لديه.
فهم دوافع الآخر: بعد الاعتراف بالأذى الذي تعرض له المرء، يحتاج إلى محاولة فهم دوافع الآخر الذي آذاه، ومحاولة التعاطف معه.
اتخاذ قرار بالتسامح: بعد فهم دوافع الآخر، يحتاج المرء إلى اتخاذ قرار واعٍ بالتسامح معه، وإنهاء دائرة الانتقام والكراهية.
التسامح ليس نسيانًا
من المهم ملاحظة أن التسامح لا يعني نسيان الخطأ أو الإساءة التي تعرض لها الشخص، وإنما يعني العفو عنها وعدم السعي للانتقام.
الخاتمة
التسامح هو قيمة إنسانية عظيمة ينبغي على كل فرد أن يتحلى بها، فهو يعكس قوة وسعة صدر صاحبه، ويساهم في تحسين العلاقات بين الأفراد وخلق مجتمع أفضل.