بر الوالدين
مقدمة
بر الوالدين من أسمى القيم الإنسانية وأجلها، وهو فريضة إلهية وواجب أخلاقي، أمر الله تعالى به ورسوله الكريم، وجعل له منزلة عظيمة في الإسلام.
مكافأة الله لبار الوالدين
وعد الله تعالى من بر والديه برضوانه ومغفرته ودخوله الجنة، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء: 23-24].
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من سره أن يوسع له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه وليبر والديه”.
وورد في الحديث الشريف: “ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والبار بوالديه”.
عقوبة الله لعاق الوالدين
حذر الله تعالى من عقوبة شديدة لمن يعق والديه، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [لقمان: 15].
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن من أكبر الكبائر شتم الرجل والديه، قيل: يا رسول الله، أيشتم الرجل والديه؟ قال: ينهى عن برهما ويذمهما”.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: “ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: الشيخ الزاني، والمرأة المنانة، والعاق لوالديه”.
بر الوالدين في الإسلام
أمر الله تعالى بصلة الرحم وبر الوالدين في كثير من آيات القرآن الكريم، وجعله من خصال المؤمنين وعباده الصالحين. قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [النساء: 36].
وقال تعالى: إِِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء: 58-59].
وحث النبي صلى الله عليه وسلم على بر الوالدين، وجعله من أسباب دخول الجنة، فقال: “بر الوالدين جنة تحت الأقدام”.
صور بر الوالدين
تتعدد صور بر الوالدين، ومنها:
- حسن العشرة والرفق بهم.
- خدمتهما وطاعتهما في المعروف.
- النفقة عليهما في حال الحاجة.
- الدعاء لهما والاستغفار لهما.
- صلتهما بعد وفاتهما.
- الإحسان إلى أصدقائهما وأقاربهما.
- إكرام من يكرمهما ويبرهما.
ومن أعظم صور بر الوالدين الجهاد في سبيل الله، قال تعالى: أَنْ أَشْكُرَ لَكَ وَلِوَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ [غافر: 14].
فضل بر الوالدين
لبر الوالدين فضائل ومنافع عظيمة، منها:
- رضا الله تعالى.
- دخول الجنة.
- وسعة الرزق.
- طول العمر.
- البركة في الأولاد والأحفاد.
- راحة البال وطمأنينة القلب.
وبالمقابل فإن عقوق الوالدين من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر، وجزاءه عذاب جهنم والعياذ بالله.
عقوق الوالدين
عقوق الوالدين هو ضد برهما، وهو من أقبح الصفات وأسوء الأعمال، ويترتب عليه عقوبات شديدة في الدنيا والآخرة.
ويشمل عقوق الوالدين كل صور الإساءة إليهما، من قول أو فعل، أو هجر أو قطيعة.
وحذر الله تعالى من عقوبة عقوق الوالدين، فقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [لقمان: 14-15].