**حمودة باعيسي..للرأس المندي**
الشيخ حمودة باعيسي أحد مشايخ الزوايا الهاشمية، وهو من أشهر شيوخ الطريقة الشاذلية في ليبيا، حيث انتقلت زعامة الزاوية الشاذلية في ليبيا بعد وفاة الشيخ محمد بن علي السنوسي إلى الشيخ حمودة باعيسي، وقد عرف عنه شدة تديّنه وحبه الشديد للمتصوفة، عاش في فترة مليئة بالأحداث، وكان صاحب مواقف مشهودة في التصدي للاستعمار الإيطالي لبلاده.
• نشأته وحياته
ولد الشيخ حمودة باعيسي في مدينة درنة الليبية عام 1850م، ونشأ في بيت علم ودين، فوالده الشيخ محمد باعيسي كان من كبار مشايخ مدينة درنة، وقد تلقى تعليمه الأولي على يد والده، وحفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ اللغة العربية والعلوم الدينية، ثم انتقل إلى مدينة زليتن، وهناك درس على أيدي علمائها، وتتلمذ على يد الشيخ أحمد الأشهب الزليطني، وأخذ عنه الطريقة الشاذلية، كما تتلمذ على يد الشيخ الشريف محمد الغرياني، وكان من أبرز تلاميذه.
اتجه الشيخ حمودة باعيسي بعد ذلك إلى الصحراء واتخذ لنفسه زاوية في منطقة رأس المندي، وأسس فيها مدرسة لتدريس العلوم الدينية واللغة العربية، وأصبحت هذه الزاوية من أهم المراكز العلمية والدينية في ليبيا، وكان يقصدها الطلاب من جميع أنحاء البلاد، كما كانت ملجأ للفقراء والمحتاجين.
كان الشيخ حمودة باعيسي ذا هيبة وشخصية قوية، وكان يتمتع بمكانة عالية بين أتباعه وتلاميذه، وكان يحرص على إصلاح ذات البين ونشر المحبة والتسامح بين الناس، وكان يجالس العلماء والفقهاء ويباحثهم في أمور الدين، كما كان يهتم بالأدب والشعر، وكان ينظم الشعر باللهجة العامية الليبية.
{|}
• مواقفه السياسية
{|}
عاصر الشيخ حمودة باعيسي فترة الاحتلال الإيطالي لليبيا، وقد كان من أشد المعارضين للاحتلال، وكان يدعو تلاميذه وأتباعه إلى الجهاد ضد المحتلين، وقد شارك بنفسه في بعض المعارك ضد الإيطاليين، وكان له دور كبير في تحريض الليبيين على الثورة ضد المستعمر.
بعد قيام الثورة الليبية ضد الإيطاليين عام 1911م، انضم الشيخ حمودة باعيسي إلى المجاهدين بقيادة المجاهدين الليبيين عمر المختار وسليمان الباروني، وكان له دور كبير في معركة بئر الغنم، كما كان من أبرز قادة معركة طبرق التي دارت رحاها عام 1911م.
ظل الشيخ حمودة باعيسي من أشد المعارضين للاحتلال الإيطالي حتى وفاته، وكان يدعو تلاميذه وأتباعه إلى الجهاد ضد المحتلين، وكان يرى أن الجهاد فريضة دينية يجب على كل مسلم القيام بها، وقد كان له دور كبير في الحفاظ على الروح المعنوية للمجاهدين الليبيين.
{|}
• تلاميذه ومريدوه
تتلمذ على يد الشيخ حمودة باعيسي عدد كبير من العلماء والفقهاء، ومن أشهر تلاميذه الشيخ محمد الصادق بن الزبير، والشيخ محمد فوزي المنصوري، والشيخ محمد التهامي العباس، والشيخ محمد صالح أبو غريبة، والشيخ محمد الطيب السنوسي، وقد تولى بعض تلاميذه زعامة الزاوية الشاذلية في ليبيا بعد وفاته.
كان الشيخ حمودة باعيسي صاحب كرامات كثيرة، وكان يقصده الناس من جميع أنحاء ليبيا لطلب الدعاء والبركة، وكان له مريدون كثر في جميع أنحاء البلاد، وكانوا يحرصون على زيارة زاويته في رأس المندي، وقد كان الشيخ حمودة باعيسي يرحب بكل من يزوره ويقدم له المساعدة والنصيحة.
{|}
كان الشيخ حمودة باعيسي ذا قلب طيب ورحيم، وكان يحنو على الفقراء والمحتاجين، وكان يقدم لهم المساعدة المادية والمعنوية، وكان يحرص على زيارة المرضى والمصابين، وكان يدعو لهم بالشفاء والصبر.
• وفاته وإرثه
توفى الشيخ حمودة باعيسي في زاويته في رأس المندي عام 1924م، وقد ترك وراءه إرثًا كبيرًا من العلم والتقوى، وقد رثاه الشعراء والعلماء، ودفن في زاويته في رأس المندي، وقد أصبح قبره مزارًا للناس الذين يقصدونه لطلب الدعاء والبركة.
ظل الشيخ حمودة باعيسي رمزًا للتصوف والجهاد في ليبيا، وقد ترك بصمة واضحة في تاريخ ليبيا، وقد كانت ز زاويته في رأس المندي منارة للعلم والدين، وقد لعبت دورًا كبيرًا في الحفاظ على الهوية الوطنية الليبية.
لا تزال زاوية الشيخ حمودة باعيسي في رأس المندي قائمة حتى اليوم، وهي من أهم المعالم التاريخية والدينية في ليبيا، وهي مقصد للزوار والسياح من جميع أنحاء العالم، الذين يأتون لزيارة قبر الشيخ واستكشاف زاويته.
• خلاصة
كان الشيخ حمودة باعيسي أحد أهم مشايخ الطريقة الشاذلية في ليبيا، وقد كان من أشد المعارضين للاحتلال الإيطالي، وقد لعب دورًا كبيرًا في الحفاظ على الروح المعنوية للمجاهدين الليبيين خلال ثورة الجهاد ضد الاحتلال الإيطالي، وقد ترك الشيخ حمودة باعيسي إرثًا كبيرًا من العلم والتقوى، ولا تزال زاويته في رأس المندي منارة للعلم والدين، وقد أصبحت من أهم المعالم التاريخية والدينية في ليبيا.