نبذة عن محمد عبده
محمد عبده محمد عبده، مفتي الديار المصرية سابقًا، وشيخ الجامع الأزهر، أحد أعلام الفكر الإسلامي في عصره الحديث، يعد رائدًا في تجديد الفكر الإسلامي، قاد ثورة فكرية تنويرية في مصر والعالم الإسلامي وأثرّت في حركات الإصلاح الإسلامي اللاحقة.
نشأته وتعليمه
ولد محمد عبده في قرية محلة نصر بمحافظة البحيرة عام 1849، ونشأ في أسرة متدينة، تلقى تعليمه الأولي في كُتاب القرية، ثم انتقل إلى الأزهر الشريف في القاهرة.
تلقى محمد عبده علوم اللغة العربية والفقه والحديث والتفسير والفلسفة على يد كبار علماء عصره، وأبدى نبوغًا مبكرًا في الدراسة، وتأثر بأفكار جمال الدين الأفغاني الذي كان من بين أساتذته.
سافر محمد عبده إلى باريس عام 1884، حيث قضى هناك ست سنوات اطلع خلالها على الفكر الأوروبي الحديث، وتأثر بأفكار الحرية والديمقراطية والعلمانية.
مناصبه وأعماله
عاد محمد عبده إلى مصر عام 1890، وعُين مفتيًا للديار المصرية، ثم أصبح شيخًا للجامع الأزهر عام 1899، وخلال فترة توليه منصبه عمل على إصلاح التعليم في الأزهر وتجديد مناهجه.
أسس محمد عبده مع الشيخ حسن الطويل مجلة “العروة الوثقى” والتي كانت منبرًا لنشر أفكاره الإصلاحية، كما أسس جريدة “اللواء” التي كان لها دور كبير في نشر الوعي السياسي والاجتماعي.
سعى محمد عبده إلى التقريب بين المسلمين والمسيحيين، وأسس الجمعية الخيرية الإسلامية التي وفرت خدمات الرعاية الاجتماعية والتعليمية.
أفكاره الإصلاحية
كان محمد عبده من أبرز دعاة تجديد الفكر الإسلامي، دعا إلى فهم الإسلام في ضوء العقل والعلم، ومواكبة التطورات الفكرية والعلمية الحديثة.
رفض محمد عبده التعصب والجمود الفكري، ودعا إلى الانفتاح على ثقافات وحضارات الآخرين، كما دعا إلى حرية الرأي والتعبير وإشراك الشعب في إدارة شؤونه.
آمن محمد عبده بأهمية العلم والتعليم، ودعا إلى تطوير مناهج التعليم ونشر المعرفة بين جميع فئات المجتمع.
نظريته في التوحيد
قدم محمد عبده نظرية في التوحيد تقوم على أساس أن الله تعالى واحد لا شريك له في الخلق والتدبير، وأنه واجب الوجود بذاته، وأن العالم مخلوق حادث.
رفض محمد عبده فكرة التجسيم والتشبيه، وأكد على أن الله تعالى لا يشبه شيئًا من خلقه، وأن صفاته يجب أن تفسر تفسيرًا مناسبًا لليق العلمي والعقلي.
دعا محمد عبده إلى توحيد الظاهر والباطن، توحيد العقيدة والعمل، وأكد على أن الإيمان الحقيقي هو الذي يتجلى في السلوك والأخلاق.
نظريته في النبوة
اعتبر محمد عبده النبوة مرحلة من مراحل تطور الفكر الإنساني، وأنها ضرورية لهداية البشرية إلى الحق والخير.
رفض محمد عبده فكرة المعجزة الخارقة للعادة، واعتبرها أمرًا نسبيًّا يختلف باختلاف الزمان والمكان، وأكد على أن الغاية من النبوة هي إصلاح الفكر والسلوك.
دعا محمد عبده إلى فهم القرآن والسنة في ضوء العقل والعلم، وإلى تجديد الفقه الإسلامي بما يتناسب مع مقاصد الشريعة.
نظريته في الخلافة
رأى محمد عبده أن الخلافة ليست منصبًا دينيًّا، بل هي منصب سياسي يجب أن يتولاه من هو أهل له من حيث الكفاءة والعدالة.
دعا محمد عبده إلى الفصل بين السلطة الدينية والسلطة السياسية، وإلى إشراك الشعب في إدارة شؤونه، وأكد على أهمية الدستور والقانون في تنظيم حياة المجتمع.
عارض محمد عبده الاستعمار الغربي، ودعا إلى الوحدة الإسلامية والنهوض بالمجتمعات الإسلامية.
تراثه الفكري
ترك محمد عبده ثراءً فكريًّا كبيرًا، تمثل في كتبه ومقالاته وخطبه، كما أسس مدرسة فكرية كان لها أثر كبير في تطور الفكر الإسلامي في مصر والعالم الإسلامي.
من أهم مؤلفات محمد عبده: “تفسير المنار”، “رسالة التوحيد”، “الإسلام والنصرانية”، “مجموعة مقالات الشيخ محمد عبده”.
تُرجمت أعمال محمد عبده إلى العديد من اللغات، وأُعيد طبع كتبه ومقالاته عشرات المرات، ولا يزال فكره حاضرًا في الحياة الفكرية والثقافية في مصر والعالم الإسلامي.
خاتمة
كان محمد عبده مصلحًا اجتماعيًّا وفكريًّا من الطراز الأول، قاد ثورة فكرية تنويرية في مصر والعالم الإسلامي، ودعا إلى فهم الإسلام في ضوء العقل والعلم، ومواكبة التطورات الفكرية والعلمية الحديثة.
كان محمد عبده داعيةً للوحدة والتعاون بين المسلمين، ومعارضًا للاستعمار الغربي، وداعيًا إلى حرية الرأي والتعبير، وإنشاء دستور وقانون ينظم حياة المجتمعات الإسلامية.
ترك محمد عبده ثراءً فكريًّا كبيرًا لا يزال حاضرًا في الحياة الفكرية والثقافية في مصر والعالم الإسلامي، ولا يزال فكره مصدر إلهام للمصلحين والمفكرين في مختلف العصور.