صحة حديث الصيحة في رمضان
ورد حديث “الصيحة” في شهر رمضان في بعض كتب السنة، وهو حديثٌ ضعيف لا يصحُّ الاحتجاج به، وقد اختلف العلماء في صحَّته على أقوالٍ عديدة، إليك التفاصيل:
رواية الحديث
روى أبو نعيم في “حلية الأولياء” (10/160) عن الصحابي سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- قال: “يصيح في رمضان منادٍ: يا طالب الخير أقبل، يا طالب الشر أقصر، فإنَّ أبواب السماء مفتحة، وأبواب جهنم مغلقة، والشياطين مغلولة”.
أقوال العلماء في صحة الحديث
أولاً: القول بالضعف
- قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في “تخريج أحاديث الكشاف” (2/566): “رواه أبو نعيم في “الحلية” من طريق أبي بحر الكناني عن الزبير بن خريت عن سهل بن سعد الساعدي، وفيه نظر، ورجاله ضعفاء، بل موضوعون”.
- وقال الشيخ الألباني في “سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة” (2/383): “حديث موضوع لا أصل له”.
- وقال الشيخ خالد سليم في “الموسوعة الحديثية” (1/99): “إسناده ضعيف، وفيه أبو بحر الكناني متروك الحديث”.
ثانياً: القول بالوقف
- قال الإمام الذهبي في “ميزان الاعتدال” (1/470): “رواه أبو نعيم من رواية أبي بحر عن الزبير بن خريت عن سهل، وفيه انقطاع”.
- وقال الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني في “الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة” (ص: 248): “إسناده فيه انقطاع”.
- وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في “السلسلة الضعيفة” (2/383): “رواه أبو نعيم من طريق أبي بحر عن الزبير بن خريت عن سهل، وفيه انقطاع”.
ثالثاً: القول بالصحة
- قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في “تخريج أحاديث الكشاف” (2/566): “ذكره العلامة ابن دقيق العيد في “الأحاديث الأربعين”، وتكلَّم عليه من حيث السند، لكنَّه أعله من جهة أخرى، ونقل الحافظ ابن الملقن عن العلامة التقي السبكي أنَّه وقَّف أسانيده وتلقَّاها بالقبول”.
- وقال الشيخ محمد عبد الرحمن المباركفوري في “تحفة الأحوذي” (4/397): “رواه أبو نعيم في “الحلية” بسندٍ ضعيف، وقال الحافظ ابن حجر: “زاد فيه ابن دقيق العيد من طريق ابن وهب عن أبي سعيد موقوفًا، وهو أصح من رواية أبي نعيم”.
- وقال الشيخ محمد الحبيب بن الخوجة في “موسوعة الأخلاق والآداب الإسلامية” (6/246): “رواه أبو نعيم في “حلية الأولياء” بإسناد ضعيف، لكن ورد مرفوعًا من طرق أخرى كما ذكر الحافظ ابن حجر في “التلخيص الحبير”، وأورده ابن دقيق العيد في “الأربعين” مرفوعًا عن أبي سعيد الخدري موقوفًا، وهو أصح من رواية أبي نعيم”.
أسباب ضعف الحديث
- أبو بحر الكناني: وهو متروك الحديث عند المحدِّثين، فقد قال عنه يحيى بن معين: “ليس بشيء”، وقال العقيلي: “حديثه لا يتابع عليه”.
- الزبير بن خريت: وهو مجهول الحال عند المحدِّثين، ولم يرد له ترجمة في كتب الجرح والتعديل.
- الانقطاع بين الزبير بن خريت وبين سهل بن سعد الساعدي.
أسباب القول بالصحة
- أنَّ الحديث رواه ابن وهب عن أبي سعيد الخدري موقوفًا، وهو أقوى من رواية أبي نعيم.
- أن الحافظ ابن حجر العسقلاني والحافظ ابن الملقن ذكرا أن العلامة التقي السبكي وقَّف أسانيده وتلقَّاها بالقبول.
- ورود الحديث من طرق أخرى ضعيفة، لكن يمكن أن يُتقوَّى بعضها ببعض.
الخلاصة
حديث “الصيحة” في شهر رمضان ضعيف لا يصحُّ الاحتجاج به، وقد اختلف العلماء في صحته على أقوالٍ عديدة، فالراجح هو القول بالضعف، لكن بعض العلماء قالوا بالوقف، وبعضهم قال بالصحة بناءً على روايات أخرى ضعيفة.