عتقاءك من النار
عباد الله إنها معضلة قديمة ومشكلة مستعصية تتجدَّدُ مع كل جيل، فما بالُ الشباب وهم جندُ الله في الأرض وقرة أعين الأمة؟ وما حدث لهم حتى سقطوا فريسةً لأيدي دعاة الضلال وأصحاب الأفكار المنحرفة؟ أين الخلل؟ من المسؤول؟ وكيف نُعيدُ شبابنا إلى حظيرة الإسلام؟ وما سبيل استنقاذهم من براثن التطرف والإلحاد؟
لقد تضافرت أسبابٌ وعوامل عدة لتدهور أحوال شبابنا، ولا شك أنَّ ضعف الإيمان وعدمُ الاهتمام بالدين يعتبران من أبرز هذه العوامل، فالمجتمعات الإسلامية في هذا العصر تعيش صراعًا قويًا بين قيمها الأصيلة وقيم الغرب الوافدة، وهذا الصراع تُرك ليدور في نفوس الشباب دون توجيهٍ أو إرشاد، مما أدى إلى خلخلة عقائدهم وتشكيكهم في ثوابت دينهم.
1. الابتعاد عن الدين
عندما يبتعد الشباب عن تعاليم الإسلام ومبادئه السامية، فإن ذلك يجعلهم أكثر عرضة للتأثر بالأفكار الهدامة والشاذة، فالدين يُشكِّل حصنًا منيعًا يحمي الشباب من الانحراف والضلال، وبدون هذا الحصن تصبح أنفسهم مرتعًا خصبًا لشتَّى أنواع الأفكار الضالة.
وللأسف، فإنَّ الكثير من شبابنا اليوم لا يهتمون بالدين ولا يدرسون تعاليمه، وبدلاً من ذلك ينشغلون بالمتع الدنيوية الزائلة والملهيات التي تبعدهم عن طريق الحق، وهذا الإهمال والابتعاد له عواقب وخيمة على عقائدهم وأخلاقهم.
2. ضعف الوازع الديني
الوازع الديني هو القوة الداخلية التي تحكم سلوكيات الفرد وتمنعه من ارتكاب المعاصي، وعندما يضعف هذا الوازع لدى الشباب فإن ذلك يجعلهم أكثر عرضة للإغراءات والشهوات، وهذا الضعف ناتج عن عدة عوامل، منها:
نقص التربية الدينية في البيوت والمدارس.
انتشار الفساد الأخلاقي والإباحية في المجتمع.
ضعف القدوة الحسنة في محيط الشباب.
3. الجهل الديني
الجهل الديني هو أحد أهم أسباب التطرف لدى الشباب، فعندما يجهل الشباب تعاليم دينهم ومبادئه السامية، فإنهم يصبحون فريسة سهلة لدعاة الضلال الذين يستغلون جهلهم ويغررون بهم بأفكارهم المنحرفة.
ومن المؤسف أنَّ الكثير من شبابنا اليوم لا يعرفون عن دينهم إلا القليل، وهذا الجهل يعود إلى تقصيرهم في طلب العلم الشرعي، وإلى ضعف المناهج الدراسية في تعليم الدين.
4. الفراغ الروحي
الفراغ الروحي هو حالة من الضعف والضياع يشعر بها الإنسان عندما لا يجد شيئًا يملأ قلبه ويشبع رغباته الروحية، وعندما يحل الفراغ الروحي في نفوس الشباب فإنهم يبحثون عن ملء هذا الفراغ في الأماكن الخاطئة، مثل:
الانغماس في الملذات والشهوات.
الانضمام إلى الجماعات المتطرفة.
الوقوع في براثن الإدمان والانحراف.
5. الأصدقاء السوء
الأصدقاء السوء يُعتبرون من أخطر العوامل التي تؤدي إلى انحراف الشباب وتغريرهم بأفكار الضلال، فالصديق السيء هو ذلك الشخص الذي يدعو صديقه إلى المعاصي والمنكرات، ويحاول إقناعه بترك دينه وعقيدته.
للصحبة أثر كبير على الإنسان، فالصاحب السوء يُفسد أخلاق صاحبه ويجعله ينحرف عن الطريق الصحيح، لذا فإنَّ على الشباب أن يحسنوا اختيار أصدقائهم وأن يجتنبوا صحبة الأشرار والمفسدين.
6. التمرد على المجتمع
يتمرَّدُ بعضُ الشباب على المجتمع وقيمه وتقاليده، وهذا التمرد قد يكون نابعًا من عدة عوامل، منها:
الشعور بالظلم والقهر.
فقدان الثقة في المجتمع ومؤسساته.
الرغبة في إثبات الذات.
عندما يتمرَّدُ الشباب على المجتمع فإنهم يُصبحون أكثر عرضةً للتطرف والإرهاب، لأنهم يرون في هذه الجماعات ملاذًا لهم ومكانًا ينتمون إليه ويحققون فيه ذواتهم.
7. العنف والتطرف
عندما تتضافر جميع العوامل السابقة فإنها تؤدي إلى ظهور العنف والتطرف لدى الشباب، فالشباب الذين ابتعدوا عن دينهم وضعف وازعهم الديني وجهلوا تعاليم دينهم عُرضةً لأن يستغلهم دعاة الضلال ويغرروهم بأفكارهم المنحرفة، وهذا ما يؤدي بهم إلى الانضمام إلى الجماعات المتطرفة وممارسة العنف والإرهاب.
وللأسف، فإنَّ الكثير من شبابنا اليوم قد وقعوا في براثن هذه الجماعات الضالة، وأصبحوا وقودًا لحروبها وصراعاتها الدامية، وهذا أمر مؤسف للغاية يجب أن نعمل جميعًا على معالجته وإيجاد حلول له.
الخلاصة
في الختام، فإنَّ انحراف الشباب وتغريرهم بأفكار الضلال هو مشكلة معقدة تتطلب جهودًا كبيرة من جميع فئات المجتمع، ولا يمكن حل هذه المشكلة إلا من خلال تضافر جهود الأسرة والمدرسة والمجتمع والحكومة، فكلٌّ منا مسؤول عن حماية شبابنا من براثن التطرف والإرهاب، ويجب أن نعمل جميعًا على توفير البيئة المناسبة لشبابنا حتى يتربوا على حب الدين وقيم الإسلام.