عسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم
هذه الآية الكريمة من سورة البقرة تدعونا إلى التأمل والتدبر في مواقف حياتنا والتفكير مليًا في الأمور التي نحبها، لأنه ليس كل ما نحبه خيرًا لنا، فقد يكون فيه شر كبير لا ندركه في حينه.
حب المال
يحب كثير من الناس المال ويحرصون على جمعه وتكديسه، ظنًا منهم أنه سيجلب لهم السعادة والراحة، لكن هذا ليس صحيحًا دائمًا، فقد يكون حب المال سببًا في شقائهم وتعاستهم، إذا انشغلوا به عن عبادتهم وعن صلتهم بربهم وعن أداء واجباتهم تجاه أنفسهم وأهلهم ومجتمعهم.
وقد يكون حب المال سببًا في الوقوع في المعاصي والذنوب، كالغش والسرقة والرشوة، التي تؤدي إلى خسارة كبيرة في الدنيا والآخرة.
وقد يكون حب المال سببًا في الحسد والبغض والعداوة بين الناس، إذا تسبب في التنافس الشديد على المال والجاه والسلطة.
حب الجاه والشهرة
يحب كثير من الناس الجاه والشهرة، ويبذلون كل ما في وسعهم للوصول إليهما، لكن قد يكون الجاه والشهرة شرًا كبيرًا إذا لم يحسنا استخدامهما.
وقد يكون الجاه والشهرة سببًا في الغرور والتكبر، فينسى المرء أنه بشر مثله مثل غيره، ويبدأ في التعالي على الناس ويتعامل معهم بازدراء.
وقد يكون الجاه والشهرة سببًا في الانشغال عن العبادة والطاعات، فينشغل المرء بدنياه ويترك آخرته، وقد يؤدي به ذلك إلى الخسران المبين.
حب الشهوات
يحب كثير من الناس الشهوات والملذات، ويتبعونها دون تفكير أو تدبر، لكن قد تكون الشهوات شرًا كبيرًا إذا لم نضبط أنفسنا عنها.
وقد تكون الشهوات سببًا في الوقوع في المعاصي والذنوب، كالفواحش والسرقة والقتل، التي تؤدي إلى خسارة كبيرة في الدنيا والآخرة.
وقد تكون الشهوات سببًا في إضعاف الإيمان والتقوى، فينشغل المرء بدنياه ويترك آخرته، وقد يؤدي به ذلك إلى الخسران المبين.
حب الدنيا
يحب كثير من الناس الدنيا ويتعلقون بها، ويظنون أنها ستبقى لهم إلى الأبد، لكن الدنيا فانية زائلة، وهي دار ابتلاء واختبار، وقد تكون حبها سببًا في شقائنا وتعاستنا.
وقد تكون حب الدنيا سببًا في الانشغال عن العبادة والطاعات، فينشغل المرء بدنياه ويترك آخرته، وقد يؤدي به ذلك إلى الخسران المبين.
وقد تكون حب الدنيا سببًا في الحزن والأسى، فمهما بلغ المرء من الدنيا، فإنها لن تشبع نفسه، ولن تجلب له السعادة الحقيقية.
حب النفس
يحب كثير من الناس أنفسهم حبًا كبيرًا، ويحرصون على إرضائها وتلبية كل رغباتها، لكن قد يكون حب النفس شرًا كبيرًا إذا لم نضبط أنفسنا عنها.
وقد يكون حب النفس سببًا في الأنانية وحب الذات، فيفضل المرء نفسه على غيره، ويبحث عن مصلحته الخاصة، ولو على حساب الآخرين.
وقد يكون حب النفس سببًا في الغرور والتكبر، فينسى المرء أنه بشر مثله مثل غيره، ويبدأ في التعالي على الناس ويتعامل معهم بازدراء.
حب الثناء والمدح
يحب كثير من الناس الثناء والمدح، ويسعون إليه بكل ما في وسعهم، لكن قد يكون الثناء والمدح شرًا كبيرًا إذا لم نضبط أنفسنا عنه.
وقد يكون الثناء والمدح سببًا في الغرور والتكبر، فيظن المرء أنه أفضل من غيره، ويبدأ في التعالي على الناس ويتعامل معهم بازدراء.
وقد يكون الثناء والمدح سببًا في الانشغال عن العبادة والطاعات، فينشغل المرء بدنياه ويترك آخرته، وقد يؤدي به ذلك إلى الخسران المبين.
حب الأولاد
يحب كثير من الناس أولادهم حبًا كبيرًا، ويسعون إلى توفير كل ما يحتاجون إليه، لكن قد يكون حب الأولاد شرًا كبيرًا إذا لم نضبط أنفسنا عنه.
وقد يكون حب الأولاد سببًا في الانشغال عن العبادة والطاعات، فينشغل المرء بدنياه ويترك آخرته، وقد يؤدي به ذلك إلى الخسران المبين.
وقد يكون حب الأولاد سببًا في تربيتهم على غير الوجه السليم، فيصبحون فاسدين ضالين، ويكون ذلك سببًا في شقاء الآباء في الدنيا والآخرة.
الخاتمة
ينبغي علينا أن نتحلى بالإيمان والتقوى، وأن نتوكل على الله في كل أمورنا، وأن ندرك أن كل ما نحبه ليس خيرًا لنا، وقد يكون فيه شر كبير لا ندركه في حينه.
ومن ثم، ينبغي لنا أن نفكر مليًا في كل ما نحبه، وأن ندعو الله أن يرزقنا محبة ما ينفعنا في ديننا ودنيانا، وأن يجنبنا محبة ما يضرنا في ديننا ودنيانا.