قلبك عامر بالإيمان
مقدمة
يُقال أن القلب هو مركز الإيمان، ومنه تنطلق الأشواق والمحبة واليقين بالله تعالى، فإذا كان القلب عامراً بالإيمان، صلحت الجوارح والأفعال، واطمأن القلب ووجد السعادة والهناء، وفي هذا المقال سوف نتحدث عن القلب العامر بالإيمان، ومظاهره، وأثره في حياة الإنسان، وكيفية الوصول إليه.
مظاهر القلب العامر بالإيمان
1- الخشوع في العبادة
يتجلى القلب العامر بالإيمان في خشوع صاحبه في عبادته لله تعالى، وذلك من خلال أداء العبادات المفروضة والنوافل بخشوع وحضور قلب، والإنابة إلى الله تعالى في كل ركعة وسجدة، والإحساس بعظمة الله تعالى وجلاله.
كما أن الخاشع يحرص على أداء العبادات في أوقاتها، ويواظب على قراءة القرآن الكريم وتدبره، ويذكر الله تعالى كثيراً، ويقيم الليل ولو بركعتين.
ومن مظاهر الخشوع أيضاً الإقبال على مجالس الذكر والدروس الدينية، والاستماع إلى كلام الله تعالى بخشوع واهتمام، والإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله تعالى.
2- حب الله ورسوله
القلب العام بالإيمان يحب الله تعالى فوق كل شيء، ويحبه أكثر من نفسه وأهله وماله، ومن مظاهر حب الله تعالى الإكثار من ذكره، وتحقيق معاني العبودية له تعالى، والامتثال لأوامره واجتناب نواهيه.
كما يتجلى حب الله تعالى في الرغبة في التقرب إليه تعالى بالنوافل والطاعات، وفي الصبر على ابتلاءاته وامتحاناته، وفي الرضا بقضائه وقدره، وفي الثقة به تعالى وتفويض الأمر إليه.
ومن مظاهر القلب العامر بالإيمان أيضاً حب الله تعالى لرسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك باتباع سنته والاقتداء به، ونشر دعوته، والذود عن دينه، وإعلاء كلمته.
3- اليقين بالله تعالى
القلب العام بالإيمان يغلب عليه اليقين بالله تعالى، وذلك من خلال الإيمان المطلق بالله تعالى وبصفاته وبأسمائه الحسنى، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
ويرى صاحب اليقين بأن الله تعالى هو وحده المستحق للعبادة، وأن جميع الأمور بيده تعالى، فيرضى بقضاء الله وقدره، ولا يجزع من مصيبات الدنيا، ولا يطغى في الرخاء.
ومن مظاهر اليقين بالله تعالى أيضاً الثقة المطلقة بوعد الله تعالى ووعيده، والتوكل عليه تعالى في جميع الأمور، واليقين بأن الله تعالى يرى عباده ويسمع دعاءهم ويعلم ما في صدورهم.
4- التوكل على الله تعالى
القلب العام بالإيمان يتوكل على الله تعالى، وذلك من خلال تفويض الأمر إليه تعالى، والاعتماد عليه في جميع الأمور، واليقين بأن الله تعالى هو الناصر والمعين.
ومن مظاهر التوكل على الله تعالى القيام بالأسباب المشروعة، وعدم الاعتماد على العباد، والرضى بما قسم الله تعالى، وعدم الجزع من الفقر أو المرض أو غير ذلك من المصائب.
كما يتجلى التوكل على الله تعالى في حسن الظن بالله تعالى، واليقين بأن الله تعالى لن يضيع عبده المؤمن، وأن الله تعالى معه في جميع أحواله.
5- الصبر على البلاء
القلب العام بالإيمان يصبر على البلاء، وذلك من خلال التسليم لقضاء الله تعالى وقدره، واليقين بأن البلاء من الله تعالى، وأن فيه خيراً لعبده المؤمن.
ومن مظاهر الصبر على البلاء عدم الشكوى والتذمر، وعدم الجزع واليأس، والرضا بما قسم الله تعالى، وطلب الأجر والثواب من الله تعالى.
كما يتجلى الصبر على البلاء في الثقة بالله تعالى، واليقين بأن الله تعالى لن يبتلي عبده المؤمن إلا بما يطيق، وأن بعد العسر يسراً.
6- الخوف من الله تعالى
القلب العام بالإيمان يخاف الله تعالى، وذلك من خلال الإحساس بعظمته وجلاله، والخشية من عقابه، والمراقبة لله تعالى في جميع الأقوال والأفعال.
ومن مظاهر الخوف من الله تعالى اجتناب المعاصي والذنوب، والحرص على أداء العبادات المفروضة والنوافل، والندم على الذنوب والتوبة منها.
كما يتجلى الخوف من الله تعالى في الإحسان إلى العباد، ومساعدة المحتاجين، ونشر الخير، والدعوة إلى الله تعالى، وإصلاح ذات البين.
7- الرجاء في الله تعالى
القلب العام بالإيمان يرجو الله تعالى، وذلك من خلال الثقة بفضله ورحمته، واليقين بأن الله تعالى غفور رحيم، وأنه يقبل التوبة من عباده المؤمنين.
ومن مظاهر الرجاء في الله تعالى الإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله تعالى، والحرص على أداء العبادات المفروضة والنوافل، والإحسان إلى العباد، ونشر الخير.
كما يتجلى الرجاء في الله تعالى في عدم القنوط واليأس من رحمة الله تعالى، واليقين بأن الله تعالى مع المؤمنين، وأن الله تعالى لن يضيع عبده المؤمن.
أثر القلب العامر بالإيمان في حياة الإنسان
القلب العام بالإيمان له أثر كبير في حياة الإنسان، فهو يمنحه السعادة والطمأنينة، ويجعله أقوى أمام المصاعب والتحديات، كما أنه يحفظه من الوقوع في المعاصي والذنوب.
ومن آثار القلب العام بالإيمان أيضاً أنه ينير البصيرة، ويجعل الإنسان أكثر قدرة على فهم أمور دينه ودنياه، كما أنه يقوي الإرادة، ويجعل الإنسان أكثر عزيمة وإصراراً على تحقيق أهدافه.
وإضافة إلى ذلك، فإن القلب العام بالإيمان يجعل الإنسان أكثر حباً للخير، وداعية إلى الخير، كما أنه يجعله أكثر تسامحاً مع الآخرين، وأكثر حرصاً على إصلاح ذات البين.
كيف نصل إلى قلب عامر بالإيمان
هناك العديد من الأمور التي يمكننا القيام بها من أجل الوصول إلى قلب عامر بالإيمان، ومن أهمها الإكثار من ذكر الله تعالى، وقراءة القرآن الكريم وتدبره، وحضور مجالس الذكر والدروس الدينية.
ومن الأمور التي تساعد على الوصول إلى قلب عام بالإيمان أيضاً الإحسان إلى العباد، ونشر الخير، والدعوة إلى الله تعالى، والإصلاح بين الناس.
كما أن الصبر على البلاء، والرضا بقضاء الله وقدره، والإكثار من الاستغفار والتوبة، من الأمور التي تعمل على زيادة الإيمان في القلب.
خاتمة
قلب عام بالإيمان هو قلب حي، يفيض بالمحبة لله تعالى ولرسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وباليقين بالله تعالى والتوكل عليه، وبالصبر على البلاء والرجاء في الله تعالى.
وإن الوصول إلى قلب عام بالإيمان طريق طويل، ولكنه طريق جميل، ومليء بالخيرات والبركات، فنسأل الله تعالى أن يرزقنا قلوباً عامرة بالإيمان، وأن يجعلنا من عباده الصالحين.