ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها
تؤكد الآية الكريمة على أن رزق جميع الكائنات الحية على الأرض مسؤولية الله وحده، وهو الرزاق الكريم الذي يمنحها ما تحتاجه من طعام وشراب ومأوى دون أن يدخر أي جهد أو يتكبد أي عناء.
الرزق بمعناه الواسع
لا يقتصر رزق الكائنات الحية على الطعام والشراب فقط، بل يشمل كل ما تحتاجه من مقومات الحياة، بما في ذلك المأوى والملبس والدواء والتعليم والحماية. إن الله عز وجل يوفر لكل مخلوق ما يحتاجه من رزق مناسب لطبيعته وظروفه.
وإن كان الرزق بمعناه الشامل يختلف باختلاف الكائنات الحية، فإن الله تعالى يعلم احتياجات كل مخلوق ويوفر له رزقه بالقدر المناسب.
ويكون الرزق في بعض الأحيان على هيئة رزق معنوي مثل الصحة النفسية أو الاستقرار العائلي أو الطمأنينة القلبية، فالله سبحانه وتعالى يريد لعباده الخير كله في الدنيا والآخرة.
توفير الرزق حتى للكائنات الدقيقة
لا يتوقف رزق الله على الكائنات الحية الكبيرة فقط، بل يمتد رزقه حتى إلى أصغر الكائنات وأدقها. فالله تعالى يرزق الحشرات والديدان والبكتيريا وما دونها من الكائنات الحية الدقيقة، وكلها مخلوقات لها دورها في النظام البيئي.
كما يرزق الله تعالى الكائنات الحية التي لا نراها أو لا نعرفها، ففي أعماق البحار والمحيطات توجد كائنات حية لا حصر لها، والله تعالى يضمن لها رزقها رغم بعدها عنا وعدم معرفتنا بها.
وحتى الكائنات التي قد نراها ضارة أو مؤذية، فإن الله تعالى يرزقها في حدود ما كتب لها، فالله لا يترك أي مخلوق على وجه الأرض بلا رزق.
رزق الإنسان في صور مختلفة
يختلف رزق الإنسان عن رزق باقي الكائنات الحية في أنه يشمل بالإضافة إلى الطعام والشراب، المال والعمل والمهارات والمعرفة.
وقد يكون رزق الإنسان في صورة فرص أو أفكار أو علاقات اجتماعية تساعده على كسب الرزق. كما قد يكون رزقه في صورة صحة وعافية تمكنه من العمل والكسب.
والله تعالى يعلم كل إنسان ويوفر له الرزق المناسب له ولظروفه، سواء كان غنياً أو فقيراً، شاباً أو مسناً، صحيحاً أو مريضاً.
التوكل على الله في الرزق
إن الإيمان بأن الرزق من الله وحده، يقود إلى التوكل عليه والاعتماد عليه في توفير ما نحتاجه من مقومات الحياة.
والتوكل على الله لا يعني الكسل أو الاعتماد على الآخرين، بل يعني العمل الجاد والكسب الحلال، مع الثقة بأن الله تعالى هو الرزاق الكريم الذي لن يترك عباده بلا رزق.
والمسلم الحقيقي هو من يعمل ويكسب ويتوكل على الله في توفير رزقه، ولا يقلق بشأن المستقبل، لأن رزق غد في علم الله وحده، وهو خير حافظ.
البحث عن الرزق الحلال
حثنا الله عز وجل على السعي في الأرض والبحث عن الرزق الحلال، ففي العمل الجاد والكسب الحلال بركة وزيادة في الرزق.
ويجتهد المسلم في طلب الرزق الحلال من خلال العمل في المهن الشريفة وتجنب كل ما هو حرام أو مشبوه، ويستعين بالله في تيسير رزقه.
ويكون الرزق الحلال سبباً في البركة في المال والصحة والأسرة، ويجعل الإنسان في عون الله تعالى وفي مأمن من شرور الدنيا والآخرة.
الرضا بما قسم الله تعالى
بعد العمل الجاد والتوكل على الله في الرزق، فإن من المهم أن نرضى بما قسم الله لنا.
فليس كل الناس رزقهم متساو، وقد يعاني البعض من ضيق ذات اليد، بينما ينعم آخرون بالرغد والثراء.
وغاية ما يمكن للإنسان فعله هو السعي في الأرض والعمل والكسب، أما الرزق فهو بيد الله وحده، ويجب أن نرضى بما قسمه الله لنا، ففي قضاء الله وقدره حكمة بالغة يعلمها هو وحده.
خاتمة
إن الآية الكريمة “ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها” تؤكد على أن الله تعالى هو الرزاق الكريم لكل مخلوقاته، وأنه يوفر الرزق المناسب لكل منها بالقدر الذي يناسبه.
وهذا الإيمان يقود إلى التوكل على الله والاعتماد عليه في توفير الرزق، والبحث عن الرزق الحلال، والرضا بما قسم الله تعالى.
فالله سبحانه وتعالى هو خير حافظ ووكيل، وهو الذي يضمن رزق عباده في الدنيا والآخرة.