من صور التواضع
التواضع من الصفات الحميدة الّتي حث عليها الإسلام وأمر بها، فهي من أخلاق الأنبياء والمرسلين والصالحين، وهي خلق عظيم يجعل المرء محبوبًا بين الناس ومقرباً إلى الله -سبحانه وتعالى-، والتواضع لا يعني الذل والهوان وإنما هو ضد الكبر والغرور والعجب.
بذل الجهد في خدمة الآخرين
* من صور التواضع بذل الجهد في خدمة الآخرين ومساعدتهم، وعدم الاستعلاء عليهم أو التكبر عليهم، فالتواضع يقتضي أن يقوم المرء بخدمة الآخرين دون انتظار مقابل أو شكر، فخدمة الآخرين من الأعمال الصالحة التي يتقرب بها العبد -سبحانه وتعالى-، ومن صور خدمة الآخرين تقديم المساعدة لكبار السن والمرضى والأطفال وجميع المحتاجين.
{|}
* ومن صور التواضع أيضًا التعاون مع الآخرين في مختلف الأمور، فالانسان بطبعه لا يستطيع العيش منعزلاً عن الآخرين، وهو بحاجة إلى معونتهم ومساعدتهم في أمور حياته المختلفة، فيجب عليه أن يسعى للتعاون مع الآخرين، فالتعاون من الأمور التي حث عليها الإسلام وأمر بها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا” (رواه مسلم).
* ويجب على المرء أن يكون متواضعًا في تعامله مع الآخرين، وألا يتكبر عليهم أو يستخف بهم، فالمؤمن المتواضع يحترم الكبير ويوقره، ويرحم الصغير ويهتم به، ويتعامل مع جميع الناس بود ومحبة، قال الله -تعالى-: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) [الشعراء: 215].
حسن الاستماع إلى الآخرين
* ومن صور التواضع حسن الاستماع إلى الآخرين، وهو من الأمور التي تدل على تقدير المرء للآخرين واحترامه لهم، فالإنسان المتواضع يستمع جيدًا للآخرين ويهتم بما يقولون، ولا يقاطعهم ولا يتجاهلهم، بل ينصت إليهم باهتمام ويحاول فهم وجهة نظرهم، وهذا من الأمور التي تجعل الآخرين يحبونه ويحترمونه.
{|}
* ومن صور التواضع أيضًا الابتعاد عن الغرور والعجب بالنفس، فالغرور والعجب من الأمور التي تفسد الإنسان وتجعله مكروهًا بين الناس، فالإنسان المتواضع لا يرى نفسه أفضل من الآخرين، ولا يفتخر بما آتاه الله من نعم، بل يرى أن هذه النعم من فضل الله عليه، وأنها قد تزول في أي لحظة.
* كما أن الإنسان المتواضع لا يتحدث عن نفسه كثيرًا، ولا يحب أن يمدح نفسه أو يتباهى بما عنده، بل يتحدث عن الآخرين ويمدحهم، فهذه من الأمور التي تدل على تواضعه وحسن خلقه، قال الله -تعالى-: (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا) [الإسراء: 37].
الاعتراف بالخطأ
* ومن صور التواضع الاعتراف بالخطأ عند وقوعه، فالاعتراف بالخطأ شجاعة، وهو من الأمور التي تدل على تواضع الإنسان وحرصه على إصلاح نفسه، فالإنسان المتواضع لا يخجل من الاعتراف بخطئه، بل يسارع إلى الاعتذار وتصحيح خطئه، فهذا من الأمور التي ترفع من قدره بين الناس وتجعله محبوبًا ومحترمًا.
* كما أن الإنسان المتواضع لا يحب أن يظهر عيوب الآخرين أو يتحدث عن أخطائهم، بل يتغافل عن الأخطاء الصغيرة، ويعفو عن الآخرين إذا أخطأوا في حقه، فهذه من الأمور التي تدل على سماحة نفسه وحسن خلقه، قال الله -تعالى-: (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [المائدة: 13].
* ويجب على الإنسان المتواضع ألا يتكلم في الأمور التي لا يعلمها، فمن التواضع أن يسأل ويستفسر عن الأمور التي لا يعرفها، فهذا من الأمور التي تدل على حرصه على التعلم والتعرف على الحقيقة، قال الله -تعالى-: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [النحل: 43].
عدم التفاخر بالنعم
* ومن صور التواضع عدم التفاخر بالنعم والخيرات التي آتاها الله -سبحانه وتعالى-، فالإنسان المتواضع لا يتباهى بما عنده من نعم، بل يشكر الله -تعالى- عليها ويستعملها فيما ينفع الناس، قال الله -تعالى-: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) [الضحى: 11]، أي حدث عن نعمة ربك وأظهرها للناس لتكون دليلاً على وحدانيته وقدرته.
* كما أن الإنسان المتواضع لا يحسد الآخرين على ما آتاهم الله من نعم، بل يدعو لهم ويسأل الله -تعالى- أن يزيدهم من فضله، فهذا من الأمور التي تدل على حسن خلقه وسماحة نفسه، قال الله -تعالى-: (وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) [النساء: 32].
* ومن صور التواضع أيضًا البعد عن الرياء والسمعة، فالرياء والسمعة من الأمور التي تبطل الأعمال وتجعلها حبطًا، فالإنسان المتواضع لا يفعل الخير ليراه الناس، بل يفعله لله -تعالى- وحده، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “من سمَّع فقد أشرك” (رواه أبو داود).
الجلوس مع الفقراء والمساكين
{|}
* ومن صور التواضع الجلوس مع الفقراء والمساكين، فالإنسان المتواضع لا يستنكف من الجلوس مع الفقراء والمساكين، بل يجالسهم ويتحدث إليهم ويستمع إلى مشاكلهم، فهذا من الأمور التي تدل على حسن خلقه وتواضعه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع” (رواه الطبراني).
{|}
* كما أن الإنسان المتواضع لا يؤذي الآخرين بأفعاله أو أقواله، بل يتعامل معهم برفق ولطف، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “المؤمن حليم، والفاجر شتام” (رواه الترمذي).
* ويجب على الإنسان المتواضع ألا يتكبر على الآخرين أو ينظر إليهم بازدراء، فالغرور والعجب من الأمور التي تفسد الإنسان وتجعله مكروهًا بين الناس، فالإنسان المتواضع لا يرى نفسه أفضل من الآخرين، بل يعاملهم جميعًا باحترام وتقدير، قال الله -تعالى-: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [لقمان: 18].
مساعدة المحتاجين
* ومن صور التواضع مساعدة المحتاجين والفقراء، فالانسان المتواضع يساعد المحتاجين والفقراء دون انتظار مقابل أو شكر، بل يساعدهم لأنه يرى أن هذه من الأمور التي أمر الله -تعالى- بها، وأنها من الأعمال الصالحة التي يتقرب بها العبد منه، قال الله -تعالى-: (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُ