إني وكلت أمري إلى الله
わふوض أمري إلى الله، فالله حسبى وهو نعم الوكيل. جملةٌ عظيمةٌ يرددها المسلم في كثيرٍ من الأدعية والأذكار، فما المقصود بها وما أثرها في حياة المسلم؟
بيان معنى مفردات الجملة
وَفَوضَ: أي أسند الأمر والتصرف فيه إلى غيره، والتوكيل تفويض الأمر إلى الغير والاعتماد عليه في إنجازه.
أَمْرِي: يشمل جميع الأمور التي تخص المسلم، من أمور دينه ودنياه، وشؤون نفسه وأهله وماله.
إِلَى الله: أي إلى الله وحده، فهو صاحب التصرف والتدبير، وهو وحده القادر على إنجاز الأمور وتدبيرها.
حَسْبِي: أي كافيني ومغنيني عن غيره، والله حسبى أى كافيني الله من تعب السؤال.
وَهُوَ نِعْمَ الوَكِيل: الوكيل هو المتولى للأمر المتصرف فيه، والله نعم الوكيل لأنه كفءٌ لكل أمر، ووكيله في كل أحواله وأموره.
بيان معنى الجملة
فمعنى الجملة إذاً: أن المسلم حين يقول “أفوض أمري إلى الله” فإنه يوكل أموره إلى الله وحده، ويعتمد عليه في تدبيرها وتصريفها، ويثق بقدرته وكفايته، ويؤمن بأنَّ الله هو حسبُه وكافيه ومغنيه عن سواه.
مراتب التوكل
للتوكل مراتب متفاوتة بحسب قوة إيمان العبد واعتماده على الله، وإليكم ثلاث مراتب أساسية من مراتب التوكل:
- التوكل الظاهري: وهو أن يوكل المسلم أموره إلى الله بلسانه فقط، دون أن يكون قلبه مطمئنًا على الله تعالى وتدبيره.
- التوكل القلبي: وهو أن يوكل المسلم أموره إلى الله بقلبه ولسانه معًا، ويوقن أنَّ الله حسبُه وكافيه، فيفرغ قلبه من الهم والقلق والاضطراب.
- التوكل العملي: وهو أن يوكل المسلم أموره إلى الله في أقواله وأفعاله وأحواله كلها، فيعتمد عليه في التدبير والتصرف، ويسعى في الأسباب دون أن يكون متعلق قلبه بها.
ثمار التوكل
للتوكل على الله تعالى ثمارٌ عظيمةٌ في حياة المسلم، منها:
- اطمئنان القلب وسكينته.
- حصول الرضا والتوفيق.
- رفع الهم والضيق والكرب.
- سهولة المعيشة وحصول الرزق.
- حصول المحبة بين العباد.
- رفع الدرجات في الدنيا والآخرة.
- الظفر بالأعداء.
كيفيَّة زيادة التوكل
يزيد العبد توكله بالتزام الأمور التالية:
- معرفة الله تعالى وصفاته: فمن عرف الله تعالى وقدرته وكفايته زاد توكله عليه.
- التوكل الدائم: وذلك بأن يُكثر العبد من ترديد أدعية التوكل، ويردد في نفسه أنَّ الله حسبُه وكافيه.
- الإيمان بالقدر: فمن آمن أنَّ كل شيء بقدرٍ، وأنَّ الله قد قدَّر المقادير، فقد ألقى همه إلى الله، وترك التفكير في الأمور التي لا يستطيع تغييرها.
- السعي في الأسباب: فإنَّ التوكل لا ينافي السعي في الأسباب، بل إنَّ السعي في الأسباب من توابع التوكل.
مواقف من السلف في التوكل
نذكر لكم فيما يلي بعض مواقف السلف الصالح التي تدل على عظم توكلهم على الله تعالى:
- عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنَّه قال: “ما فطرتُ قطُ مذ أسلمتُ، ولا أصبح عندي شيءٌ آخذه، إلا وددتُ أن لا أمسِيه، ولا أمسيتُ قطُ وعندي شيءٌ آخذه، إلا وددتُ أن لا أصبح.
- وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّه قال: “لو أنَّ لي طعام أهل الوبر لأحببتُ أن لا يكون عندي منه إلا ما يطعمني الليلة.
- وعن الإمام الشافعي رحمه الله أنَّه كان يقول: “ما مسني قطُّ همٌّ ولا غمٌّ، إلا توكلتُ على الله عزَّ وجلَّ، ففرَّج عني، ورزقني من حيثُ لا أحتسب”.
التوكل والتوحيد
والتوكل وثيقٌ بالتوحيد، فالتوحيد أصله التوكل، وكذلك التوكل فرعه، فالموحدُ حقًا هو الذي يفوض أمورَه كلَّها إلى خالقه، ويعتمدُ عليه في تدبيرِها وتصريفِها، ويوقنُ أن لا ضارَّ ولا نافعَ إلا هو سبحانه.
التوكل على الله أمر عظيم وأساس من أسس الإيمان، وسببٌ لجلب الخير ودفع الشر، فواظب أخي المسلم على التوكل على الله، فإنَّه حسبُك وكافيك.