وتبتل إليه تبتيلا
التبتل: هو الانقطاع إلى العبادة والإخلاص فيها لله وحده، ولقد أمر الله تعالى عباده بالتبتل إليه، فقال سبحانه: وَابْتَهِلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً [الأعراف: 142].
فضل التبتل إلى الله
التبتل إلى الله سبب لدخول الجنة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما من عبد يبتغي الجنة إلا ابتلاه الله بما يحزن به، وما من عبد يبتغي النار إلا ابتلاه الله بما يفرح به”.
التبتل إلى الله سبب لزيادة الرزق، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من يتوكل على الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب”.
التبتل إلى الله سبب للفرج من الهموم والكروب، حيث قال الله تعالى: وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فإذا نجّاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورًا [الإسراء: 67].
شروط التبتل إلى الله
الإخلاص في العبادة لله وحده، وعدم الإشراك به شيئًا.
المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله.
الصبر على البلاء والابتلاءات التي تصيب العبد.
اليقين بأن الله تعالى هو وحده القادر على جلب النفع ودفع الضر.
حسن الظن بالله تعالى، والإيمان بأنه لن يضيع أجر المحسنين.
مراتب التبتل إلى الله
التبتل الظاهر: وهو الإكثار من العبادات الظاهرة كالصلوات والصيام والحج والعمرة.
التبتل الباطن: وهو الإخلاص في العبادة لله وحده، وترك الرياء والسمعة.
التبتل الكامل: وهو الجمع بين التبتل الظاهر والباطن، وهو أعلى مراتب التبتل.
ثمار التبتل إلى الله
طيب العيش في الدنيا والآخرة، حيث قال الله تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب [الطلاق: 2].
عون الله تعالى في الدنيا والآخرة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعًا، ومن تقرب إلي ذراعًا تقربت إليه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة”.
دخول الجنة والنجاة من النار، حيث قال الله تعالى: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين [العنكبوت: 69].
كيف نبتل إلى الله؟
بالمداومة على العبادات الظاهرة كالصلاة والصيام والحج والعمرة.
بالإكثار من ذكر الله تعالى وقراءة القرآن الكريم.
بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى.
بالتسبيح والاستغفار.
بالصبر على البلاء والابتلاءات.
التبتل في القرآن والسنة
وردت كلمة “التبتل” في القرآن الكريم أربع مرات، قال تعالى: وَابْتَهِلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً [الأعراف: 142]، وقال تعالى: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلاَ تَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ [الأعراف: 205-206].
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ما من عبد يبتغي الجنة إلا ابتلاه الله بما يحزن به، وما من عبد يبتغي النار إلا ابتلاه الله بما يفرح به”.
وقال صلى الله عليه وسلم: “من يتوكل على الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب”.
التبتل في حياة الصحابة
كان الصحابة الكرام من أكثر الناس تبتلاً إلى الله تعالى، فكانوا يداومون على العبادات ويذكرون الله تعالى كثيرًا.
ومن أشهر الصحابة الذين اشتهروا بالتبتل إلى الله تعالى أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب.
وكان الصحابة يتنافسون في التبتل إلى الله تعالى، فكانوا يبيتون في المساجد ويصلون حتى تورم أقدامهم.
التبتل في حياة العلماء
كان العلماء من أكثر الناس تبتلاً إلى الله تعالى، فكانوا يقضون أوقاتهم في العبادة والذكر.
ومن أشهر العلماء الذين اشتهروا بالتبتل إلى الله تعالى الإمام الشافعي والإمام أحمد بن حنبل والإمام الغزالي.
وكان العلماء يتواصون بالتبتل إلى الله تعالى، فكان الإمام الشافعي يقول: “إذا أردت أن تنجح فابتئل إلى ربك”.
التبتل في حياة الصالحين
كان الصالحون من أكثر الناس تبتلاً إلى الله تعالى، فكانوا يقضون أوقاتهم في العبادة والذكر والدعاء.
ومن أشهر الصالحين الذين اشتهروا بالتبتل إلى الله تعالى الحسن البصري ورابعة العدوية ومالك بن أنس.
وكان الصالحون يتنافسون في التبتل إلى الله تعالى، فكانوا يتركون الدنيا وما فيها ويزهدون في لذاتها.
خاتمة
التبتل إلى الله تعالى من أعظم العبادات وأجلها، وهو سبب لدخول الجنة والنجاة من النار، وله فضل عظيم وثمار عظيمة، وقد أمر الله تعالى عباده بالتبتل إليه، وذكر في كتابه الكريم فضله وثماره، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم فضله وعلاماته، وقد كان الصحابة والتابعون من أكثر الناس تبتلاً إلى الله تعالى، وكان العلماء والصالحون يتنافسون في التبتل إلى الله تعالى، فنسأل الله تعالى أن يوفقنا للتبتل إليه في جميع أحوالنا، وأن يجعلنا من عباده المتبتلين إليه.