وقبلتها تسعه وتسعين قبله
المقدمة
آية سورة الكهف التي تتحدث عن أصحاب الكهف من أشهر الآيات القرآنية التي يتداولها المسلمون. ولقصة أصحاب الكهف كما وردت في القرآن الكريم عبر ودروس مستفادة عديدة، كما أن للرقم “تسعة وتسعين” المذكور في الآية دلالات ومعاني مهمة.
من هم أصحاب الكهف
وقيل إنهم فتية من أهل أفسوس (في تركيا حاليًا) آمنوا بالله سراً في زمن الإمبراطور دقيوس الذي اضطهد المسيحيين بشدّة، وعندما علم بهم قومه اجتمعوا عليهم وهددوهم بالقتل إن لم يعودوا للوثنية، فأبوا.
فخرجوا من مدينتهم إلى جبل قريب منها (قال بعض العلماء: إنه جبل في الأردن)، وكانوا سبعة فتيان: مكسلمينا، ويمليخا، ومرطونس، وبراطشوس، ودانيوس، وأنطونيوس، ويوحنّا.
وأخذوا معهم كلبهم ويدعى قطمير أو قطمير “وهم أسماء أعجمية”، واحتمى الفتية في كهف بالجبل، فدعا الله أن يحفظهم، وضرب الله على آذانهم في الكهف فاناموا، فظنّ قومهم أنهم ماتوا فتركوا أمرهم ونسوه.
مدة لبثهم في الكهف
لا يعلم مدة لبثهم في الكهف على وجه التحديد، إلا أن الآية الكريمة ذكرت أنهم مكثوا “ثلاثمائة سنين، وازدادوا تسعًا”.
وهذا يشير إلى أنهم لبثوا في الكهف ما يقرب من 309 سنوات، مع مراعاة أن السنة القمرية التي ورد ذكرها في الآية أقصر من السنة الشمسية بحوالي 11 يومًا.
ولقد اختلفت الآراء في مدة لبثهم، فذهب بعض المفسرين إلى أنهم لبثوا ثلاثمائة شمسية وتسعًا، فيكون مجموع ذلك ثلاثمائة وعشر سنوات.
سبب خروجهم من الكهف
بعد أن لبثوا في الكهف ما يقرب من 309 سنوات، استيقظوا من نومهم كأنهم لم يناموا إلا ليلة واحدة، فأرسلوا أحدهم إلى المدينة ليتعرّف أخبار الناس وماذا حدث للمسيحيين.
فوجده الناس غريب الأطوار وملابسه قديمة، فظنّوه لصًا، وسألوه من أنت؟ قال: أنا من أهل هذه القرية، خرجت منها مع أصحابي، وكانوا سبعة.
فقيل له: وماذا حدث لكم؟ قال: خرجنا من القرية هربًا من الفتنة إلى هذا الكهف، فنَمْنا فيه، والآن جئت لأشتري طعامًا لأصحابي، فأعطوه نقودًا، وعاد إليهم.
عودتهم إلى مدينتهم
فلما عاد الفتى إلى الكهف وأخبر أصحابه بما سمع، خرجوا مع بعض من اتبعوه إلى مدينتهم، وكانوا يتعجبون من حالها ومن الناس الذين فيها، فوجدوها قد تغيّرت كثيرًا، والناس فيها أصبحوا مسيحيين.
فبينما هم كذلك إذ ناداهم الناس: أنتم الفتية الذين ذهبتم من زمان، فتعجّب الناس من حالهم، وعرفوهم من صفاتهم، فتذكروا قصتهم، وأخبروهم أنهم ناموا في الكهف ثلاثمائة وتسع سنين.
وعندما دخلوا مدينتهم وجدوا فيها كنيسة، فسألوا عنها فقيل لهم: بناها رجل صالح أراد أن يجعلها ذكرى لكم، فلما عرفوا ذلك اختلفوا فيما بينهم، فريق منهم قال: نبني مسجدًا بقرب الكنيسة ونقيم فيه، وفريق منهم قال: ندخل الكنيسة ونتعبد فيها.
وفاتهم
لم يذكر القرآن الكريم متى توفوا أصحاب الكهف، ولكن ورد في بعض الروايات أنهم مكثوا في مدينتهم بعد خروجهم من الكهف فترة قصيرة، ثم توفوا جميعًا ودفنوا في مكان قريب من الكهف، وبنيت على قبورهم كنيسة.
ولقد اختلف العلماء في سبب وفاتهم، فذهب بعضهم إلى أنهم ماتوا موتًا طبيعيًا بعد أن تقدمت بهم السن، فيما ذهب آخرون إلى أنهم ماتوا شهداء بعد أن تعرضوا للاضطهاد من بعض المشركين في مدينتهم.
ويذكر بعض العلماء أنهم ماتوا جميعًا في وقت واحد وفي نفس الليلة، بعد أن اجتمعوا في مسجد وأقاموا فيه الصلاة وذكروا الله تعالى، ثم ناموا فماتوا في نومهم.
العبر والمواعظ في قصة أصحاب الكهف
ورد في قصة أصحاب الكهف عبر ودروس عديدة للمسلمين، ومن هذه العبر:
- الإيمان بالله وحده، وعدم الإشراك به.
- الصبر على الابتلاءات والشدائد، والتوكل على الله.
- العاقبة للتقوى، وأن الله ينصر عباده المؤمنين.
- فضل الدعاء وقوة الإيمان.
- قصتهم معجزة من معجزات الله تعالى.
- أن الدنيا زائلة، وأن الآخرة هي الباقية.
الخاتمة
قصة أصحاب الكهف من القصص القرآنية التي تحمل الكثير من الدروس والعبر للمسلمين، وهي قصة تدعو إلى الإيمان بالله تعالى، والصبر على الابتلاءات، والتوكل على الله.
كما أن للرقم “تسعة وتسعين” الوارد في الآية الكريمة دلالات ومعاني مهمة، إذ يشير إلى أن الله تعالى هو العظيم ذو الفضل الواسع، وأن عنده من الأمور ما لا يعلمه إلا هو.
ونسأل الله الكريم أن يجعلنا من عباد الرحمن المؤمنين، وأن يثبتنا على دينه ويحسن خاتمتنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.