ما معنى يأتي بها الله إن الله لطيف؟
يأتي بها الله إن الله لطيف؛ هو حديث نبوي شريف، ورد في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يزال الرزق يطلب العبد، حتى يُدخل الجنة، أو النار”.
ويعني هذا الحديث أن الرزق لا يهرب من العبد، بل هو رزق مقسوم، وقد قسم الله تعالى أقوات العباد، فيأتي العبد رزقه ولو بعد حين، حتى وإن لم يسع إليه، ويأتي به الله إليه إن الله لطيف.
لطف الله تعالى بعباده
ولطف الله تعالى بعباده كثير، ومن هذا اللطف أنه قد قسم أرزاق العباد، وأنه يرزق العبد من حيث لا يحتسب، فكم من عبد سعى وراء الرزق ولم يجده، فأتاه الله الرزق من حيث لا يدري.
وقد أخبرنا الله تعالى في كتابه الكريم عن لطفه بعباده، حيث قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ [الشورى: 28].
وفي قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ [الشورى: 19].
رزق العبد مكتوب له
رزق العبد مكتوب له، ولا يزيده كثرة السعي ولا ينقصه قلة السعي، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الرزق ليلحق العبد وإن فر منه كما تدركه المنية وإن أبطأ عنه”.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من دابة إلا قد كفل الله تعالى رزقها، وإنها لترعى في فلاة من الأرض حيث لا ماء ولا زرع، ثم تخرج شبعانة”.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الرزق ليطلب صاحبه وإن كان في بطن حوت”.
لا تطلب الرزق من الناس
نهانا الله تعالى أن نطلب الرزق من الناس، بل أمرنا بالاستغناء عن الناس، فالرزق من الله تعالى، وهو الذي يرزق من يشاء، ولذلك قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ [فاطر: 3].
وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات: 58].
وقال تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [هود: 6].
أسباب الرزق
إن الرزق بأسباب، وقد جعل الله تعالى لكل شيء سببًا، ومن أسباب الرزق:
- التوكل على الله تعالى.
- السعي الحلال.
- الدعاء.
- إخراج الصدقات.
- صلة الرحم.
حكم من كفى نفسه السؤال
من كفى نفسه السؤال، وكسب الحلال، وأكل من كسبه، فإن الله تعالى يعينه على ما كفاه، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا [الطلاق: 2-3].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: “كفى نفسه السؤال؛ أي: العمل”.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: “كفى نفسه السؤال؛ أي: من كسب طيبا، وأكل طيبا، وكسى طيبا”.
الفرق بين الرزق والقسم
الرزق هو ما ينفع العبد من مأكل ومشرب وملبس وغير ذلك، أما القسم فهو نصيب العبد من الرزق، وقد يرزق العبد الكثير، ولكن قسمه قليل، وقد يرزق العبد القليل، ولكن قسمه كثير.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “الرزق كل ما ينتفع به الإنسان من مأكل ومشرب وملبس وغير ذلك، والقسم هو المقدار الذي قدره الله للإنسان من الرزق”.
وقال رحمه الله: “قد يكون قسم العبد من الرزق أقل من رزقه، وقد يكون قسمه أكثر من رزقه، فمن كان قسمه أكثر من رزقه؛ أعطاه الله أكثر مما قدر له، ومن كان قسمه أقل من رزقه؛ منع عنه بعض رزقه الذي قدر له”.
الخاتمة
نستنتج مما سبق أن الرزق من الله تعالى، وأنه قسمه بين عباده، وأن الرزق يأتي العبد وإن لم يسعى إليه، وأن من كفى نفسه السؤال؛ أعانه الله تعالى، وأن الفرق بين الرزق والقسم.