صور الحرمين
تذخر الصور التاريخية للحرمين الشريفين بمكة المكرمة والمدينة المنورة بأهمية بالغة فهي ذات قيمة تاريخية ودينية وسياحية، حيث ترصد معالم الحرمين وعمارتهما وتطورهما العمراني وتجسّد أهم المحطات التي شهدها المسجد الحرام والمسجد النبوي عبر العصور الإسلامية، كما تكشف الصور الفوتوغرافية عن فنون العمارة الإسلامية وتطورها خلال مختلف العصور، وعن أهمية الحرمين وأماكنهما المقدسة لدى المسلمين في جميع أنحاء العالم.
الحرم المكي
الكعبة المشرفة
لم يختلف شكل الكعبة المشرفة منذ العصور الإسلامية الأولى سوى في ثوب الكعبة الذي يكسى به في كل عام حيث كان في العصر الإسلامي الأول يكسى بالديباج اليمني، أما في العصر الأموي فيكسى بالقباطي المصرية، ثم في العصر العباسي باشتمل من القطائع الحريرية الرقيقة، وفي العصر الفاطمي أعيد كسوة الكعبة بالديباج مرة أخرى، وفي العصر المملوكي كثرت الألوان في الكسوة، اما اليوم فتكسى الكعبة بالحرير الأسود من نوع الحرير الطبيعي الذي تنسجه مصانع الحرير في المملكة العربية السعودية.
{|}
مقام إبراهيم
شهد مقام إبراهيم عليه السلام هو الآخر تطوراً كبيراً عبر السنين، ففي عصر الصحابة كان مكشوفاً ليس حوله جدار يحجزه عن الناس، ثم في العصر الأموي بنيت حوله دكة مرتفعة وحول الحجرة بسور من حجر وطين، وفي العصر العباسي بني عليه قبة وجعل له باب من خشب الساج، ثم أهدى السلطان العثماني قبة من ذهب وأعاد صنع باب المقام من الفضة في عصر السلطان سليمان القانوني، وفي العصر الحديث نقشت على جدران المقام آيات قرآنية وزين بالرخام وأعيد بناء القبة بطريقة أكثير أماناً.
الأبواب التاريخية
تعتبر البوابات التاريخية للحرم المكي من أهم المعالم المعمارية والإسلامية، حيث كان لبعضها تاريخ عريق، فقد ورد في كتاب “أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار” للفاكهي أن للكعبة المشرفة 16 باباً أشهرها باب بني شيبة، وباب بني مخزوم، وباب بني سهم، وباب بني عبد الدار، أما في العصر الحديث بقيت الأبواب كما هي بأسمائها القديمة مع تعديل مظهر البوابات وزخارفها لتتناسب مع التطور العمراني الذي يشهده الحرم المكي.
المسجد الحرام
{|}
الأروقة والصحن
شهد المسجد الحرام توسعات هائلة على مر العصور، فقد كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة عبارة عن ساحة مكشوفة محاطة بالأروقة التي بنيت من جذوع النخل وسعفها، ثم في العصر الأموي أعيد بناء المسجد توسعة المسجد وبناء جدار حول صحنه، كما وزعت الأروقة بين القبائل لتتحلق كل قبيلة في رواق خاص بها، أما في العصر العباسي فقد توسع المسجد أكثر من 7 مرات وتم تعلية سقفه وبناء مآذن، وفي العصر المملوكي بني رواق جديد ثم هدم وأعيد بناؤه في العصر العثماني، أما في العصر الحديث فشهد المسجد الحرام أكبر توسعة في تاريخه.
الأعمدة وتيجانها
{|}
تزين المسجد الحرام الأعمدة والتيجان التي تحمل السقف وتزين صحنه الشريف، فبالرغم من أن مصدرها يختلف من عصر لآخر إلا أن شكلها متقارب، حيث كان في العصر الأموي عبارة عن تيجان بسيطة كان مصدرها من الكنائس والقصور البيزنطية، أما في العصر العباسي فقد بنيت تيجان من الجص المزخرف ثم في العصر المملوكي فقد بنيت تيجان من الرخام، أما في العصر الحديث فاستخدم مهندسو الحرم أنواع من الأعمدة والتيجان لتتناسب مع التوسعات العمرانية والاتساع الكبير الذي شهده المسجد.
المآذن
كان للمآذن في المسجد الحرام مكانة كبيرة منذ بنائها، حيث كانت شاهدة على العصور الإسلامية المختلفة، ففي العصر العثماني بني أول مئذنة هي مئذنة باب السلام ثم بني مئذنة باب الصفا، وفي العصر الحديث بنيت ست مآذن أخرى ليكون المجموع سبع مآذن موزعة على أركان المسجد الحرام، أما في العصر الحديث فقد هدمت المآذن التي بنيت في العصر العثماني وأعيد بناؤها لتتناسب مع التوسعات الجديدة التي شهدها الحرم المكي.
المسجد النبوي
الروضة الشريفة
تعتبر الروضة الشريفة من أقدس الأماكن في المسجد النبوي فهي مكان دفن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه أبو بكر وعمر، ففي العصر النبوي كانت عبارة عن حجرة صغيرة مجاورة لحجرة النبي، وتم توسعتها في العصر الأموي وزينت بزخارف وكتابات قرآنية، وفي العصر العباسي أعيد توسعة الروضة وبناء قبة فوقها، وفي العصر العثماني أعيد توسعة الروضة وزخرف جدرانها وقبتها بالرخام والفسيفساء، أما في العصر الحديث فقد جددت الروضة عدة مرات وأعيد فرشها بالسجاد الفاخر.
المنبر النبوي
شهد منبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم عبر العصور الإسلامية توسعات وتجديدات عدة، ففي العصر النبوي كان عبارة عن جذع نخلة، وفي العصر الأموي بني منبر جديد من خشب الأراك، وفي العصر العباسي بنى الخليفة المنصور منبر جديد من الساج وأهدى الخليفة المهدي منبر آخر من خشب الأبنوس، وفي العصر الفاطمي بني منبر جديد من العاج والابنوس، أما في العصر العثماني أعيد بناء منبر جديد بطريقة أكثر فخامة، وفي العصر الحديث جدد المنبر عدة مرات وأعيد صناعته بشكل يعكس فن العمارة الإسلامية.
{|}
الحجرة النبوية
كانت الحجرة النبوية في العصر النبوي عبارة عن حجرة صغيرة مبنية من اللبن وسقفها من الجريد، وفي العصر الأموي أعيد بناؤها ووسعت وفرش أرضها بالحصر، وفي العصر العباسي بنيت حولها حجرة أخرى وجعلت لها قبة من الخشب، وفي العصر المملوكي أعيد بناء الحجرة وبناء قبة من الرخام، أما في العصر العثماني أعيد توسعة الحجرة وزيادة زخارفها، وفي العصر الحديث أعيد تجديد الحجرة عدة مرات وأعيد فرشها بالسجاد الفاخر وزينت جدرانها وقبتها الرخام والفسيفساء.
المدينة المنورة
جبل أحد
يعتبر جبل أحد من الأماكن المهمة في المدينة المنورة، فقد شهد غزوة أحد التي وقعت بين المسلمين والمشركين، وفي العصر الأموي بنيت عند سفح الجبل قبور شهداء المسلمين، وفي العصر العباسي بني مسجد وقبة على قبور الشهداء، وفي العصر المملوكي أعيد بناء المسجد والقباب، وفي العصر الحديث أعيد تجديد وإعادة بناء المسجد والقباب والحديقة المحيطة بها.
بئر رومة
تعتبر بئر رومة من الآبار المهمة في المدينة المنورة، فقد كانت منهل الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد، وفي العصر الأموي بنيت حول البئر قبة، وفي العصر العباسي بنيت حول البئر مسجد وقبة أخرى، وفي العصر المملوكي أعيد بناء المسجد والقباب، أما في العصر الحديث أعيد تجديد المسجد والقباب المحيطة بالبئر.
مسجد قباء
يعتبر مسجد قباء أول مسجد بني في الإسلام، حيث بناه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته عندما هاجروا من مكة إلى المدينة المنورة، وفي العصر الأموي أعيد بناء المسجد وتوسعته، وفي العصر العباسي أعيد توسعة المسجد وبناء مئذنة، وفي العصر المملوكي أعيد بناء المسجد وتوسع أكثر، أما في العصر الحديث أعيد تجديد المسجد عدة مرات وأعيد بناؤه ليضم مكتبة ومدرسة لتحفيظ القرآن الكريم.
{|}
خاتمة
تحمل الصور التاريخية للحرمين الشريفين أهمية بالغة في نفوس المسلمين حول العالم، فهي تحكي تاريخ وعظمة هذين المكانين المقدسين، وتوثق مراحل التطور العمراني والهندسي الذي شهده الحرم المكي والمسجد النبوي عبر العصور، وتجسد الأحداث التاريخية التي وقعت في هذين المكانين، كما تكشف عن فنون العمارة الإسلامية وت