اللهم إني أبرأ إليك
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد..
اللهم إني أبرأ إليك.. عبارة بسيطة وكلمات قليلة، ولكنها تحمل في طياتها معاني عميقة وأسرارًا جليلة، إنها تعبير عن التوحيد لله سبحانه وتعالى، والانقطاع إليه وحده، والتبرؤ من كل ما سواه.
وفي هذا المقال، سوف نتناول تفصيلًا معنى هذه العبارة، وأحكامها، ومراتبها، وما يترتب عليها من آثار جليلة في حياة المسلم.
التبرؤ إلى الله
التبرؤ إلى الله هو الاعتراف بعجز المرء وضعفه، وأن الله وحده هو القادر على كل شيء، وهو المالك لكل شؤون الدنيا والآخرة. وهو نبذ الشرك والوثنية، والتمسك بعقيدة التوحيد الخالصة.
مراتب التبرؤ إلى الله
والتبرؤ إلى الله مراتب متفاوتة، بحسب حال المتبرئ ومعرفته بالله وإيمانه به، ومن هذه المراتب:
المرتبة الأولى: تبرؤ العوام
وهي مرتبة مبتدئي السائرين إلى الله، حيث يعتقد العبد بوحدانية الله، ويبرأ من الشرك الظاهر، لكن إيمانه قد يكون ضعيفًا، ولا يكون له معرفة تامة بالله وصفاته.
المرتبة الثانية: تبرؤ الخواص
وهي مرتبة المتقدمين في طريق السير إلى الله، حيث يترقى العبد في معرفته بالله، فيرى أن كل شيء سوى الله لا يستحق العبادة، ولا يعتمد عليه، فيتبرأ من كل ما سوى الله، ويجعل عبادته وطاعته لله وحده.
المرتبة الثالثة: تبرؤ خواص الخواص
وهي مرتبة العارفين بالله، الذين يشهدون أنفسهم وكأنها معدومة، وأن الله وحده هو موجود، فلا يرون شيئًا سواه، ولا يعتقدون بشيء سواه، ولا يتوكلون إلا عليه.
أثر التبرؤ إلى الله
إن التبرؤ إلى الله له أثر عظيم في حياة المسلم، فهو يترتب عليه:
تحقيق التوحيد
فالتبرؤ إلى الله هو إثبات للتوحيد الخالص لله سبحانه وتعالى، وهو السبيل إلى الفوز بالجنة والنجاة من النار.
السلامة من الشرك
فالشرك هو أكبر الكبائر، وهو مبطل للإيمان، والتبرؤ إلى الله هو الحصن الحصين من الوقوع في الشرك، وتوحيد الله سبحانه وتعالى.
حصول محبة الله
فالله يحب المتوكلين عليه، ويحب المتوحدين به، فمن أخلص لله في توحيده وتبرئه إليه، أحبه الله وأحبه عباده.
مواطن التبرؤ إلى الله
ينبغي للمسلم أن يبرأ إلى الله في كل وقت وفي كل موطن، وخاصة في المواطن التي قد يشتبه فيها الشرك أو يقع فيها، ومن مواطن التبرؤ إلى الله:
الابتلاءات والشدائد
عند ابتلاء المسلم بمرض أو فقر أو حزن، يجب عليه أن يبرأ إلى الله من الالتجاء إلى غيره، وأن يعتمد على الله وحده في الفرج والكشف.
حصول النعم
عندما ينعم الله على المسلم بنعمة من نعمه، فيجب عليه أن يبرأ إلى الله من الاعتقاد بأنها من غيره، وأن يشكره على نعمته ويحمده عليها.
العبادات
في كل عبادة يقوم بها المسلم، سواء كانت صلاة أو صيامًا أو حجًا أو عمرة، يجب عليه أن يبرأ إلى الله من الرياء والسمعة، وأن يخلص العبادة لله وحده.
أدب التبرؤ إلى الله
يجب على المسلم أن يتأدب مع الله في التبرؤ إليه، وأن يكون ذلك بقلب صادق وإخلاص لله وحده، وأن يواظب على الدعاء والتضرع إلى الله، والإكثار من الاستغفار والتوبة إليه.
خاتمة
إن التبرؤ إلى الله هو ركن من أركان الإيمان، وهو السبيل إلى الفوز بالجنة والنجاة من النار، وعلى المسلم أن يحرص على التبرؤ إلى الله في كل وقت وفي كل موطن، وأن يواظب على الدعاء والتضرع إليه، والإكثار من الاستغفار والتوبة إليه، حتى ينال محبة الله ورضوانه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.