لايكلف الله نفسا

لا يكلف الله نفساً إلا وسعها

لايكلف الله نفسا

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

لايكلف الله نفسا

فإن من رحمة الله بعباده، وتيسيره عليهم، ألا يكلفهم إلا ما في وسعهم وقدرتهم، كما قال تعالى: ﴿ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [سورة البقرة: 286]، وهذا يعني أن الله تعالى لا يكلف العبد إلا بما يستطيع القيام به، ولا يضعه في موقف يفوق قدراته وإمكاناته.

لايكلف الله نفسا

1. مفهوم القدرة والوسع

لايكلف الله نفسا
لايكلف الله نفسا

القدرة هي مفهوم نسبي يختلف من شخص لآخر، وهي تشتمل على مجموعة من العوامل الجسدية والعقلية والاجتماعية والنفسية، أما الوسع فهو ما يتسع له العبد من الأعمال الصالحة والتكاليف الشرعية، ويحدد الوسع مقدار ما يجب على العبد من العبادات والفرائض.

لايكلف الله نفسا

والتكاليف الشرعية تتنوع في ثقلها وخفتها، فمنها ما هو فرض واجب على كل مسلم مكلف، ومنها ما هو سنة مندوبة، ومنها ما هو مكروه أو مباح، وقد يختلف حكم التكليف الواحد باختلاف الأشخاص وقدراتهم، فما يكون واجبًا على أحدهم قد يكون مستحبًا لآخر، أو يكون عسرًا على أحدهم ويسيرًا على غيره.

لايكلف الله نفسا

وعلى سبيل المثال، قد يكون الصيام واجبًا على كل مسلم مكلف قادر، لكن يجوز للمريض أو المسافر أن يفطر، وقد تكون صلاة الجمعة واجبة على الرجال الأصحاء، لكن يجوز للمريض أو المنشغل بعذر أن يصلي الظهر بدلاً منها.

لايكلف الله نفسا

2. أسباب التكليف

لايكلف الله نفسا

حدد الله تعالى في كتابه الحكيم أسباب التكليف، وهي البلوغ والعقل والقدرة، فالعبد لا يكلف بالتكاليف الشرعية إلا بعد بلوغه سن التكليف، وهو سن العاشرة أو الاحتلام، كما لا يكلف من لم يبلغ سن التمييز، أو من فقد عقله.

لايكلف الله نفسا

والقدرة كما ذكرنا من قبل مفهوم نسبي، يختلف من شخص لآخر، فقد يكلف الله تعالى العبد بأداء صلاة القيام، لكنه يعذر المريض أو المسافر الذي لا يستطيع القيام من مرضه أو سفره، وقد يكلفه بأداء الحج، لكنه يعذر الفقير الذي لا يملك نفقات الحج.

لايكلف الله نفسا

والحكمة الإلهية في التكليف متعددة، منها اختبار العباد ومعرفة مدى طاعتهم لأوامر الله تعالى، ومنها تكريم العباد ورفع درجاتهم، ومنها تحصين المجتمع من الانحراف والفساد.

لايكلف الله نفسا

3. أنواع التكليف

لايكلف الله نفسا

تتعدد أنواع التكليف الشرعي، ومن أهمها:

لايكلف الله نفسا

  • الواجبات: وهي العبادات والفرائض التي يجب على كل مسلم مكلف القيام بها، مثل الصلاة والصيام والحج.
  • المستحبات: وهي الأعمال الصالحة التي يندب القيام بها، لكنها ليست واجبة، مثل صلاة النفل والصدقة.
  • المكروهات: وهي الأعمال التي لا ينبغي القيام بها، لكنها لا تؤثم، مثل ترك صلاة الجماعة أو النوم بعد صلاة العصر.
  • المباحات: وهي الأعمال التي لا حرج فيها، مثل الأكل والشرب والنوم.

لايكلف الله نفسا

4. حدود التكليف

لايكلف الله نفسا

حدد الله تعالى حدود التكليف في كتابه الحكيم، ومن أهم هذه الحدود:

لايكلف الله نفسا

  • القدرة: كما ذكرنا سابقًا، لا يكلف الله تعالى العبد إلا بما في وسعه وقدرته.
  • الحرج: لا يكلف الله العبد بما يسبب له حرجًا أو مشقة شديدة.
  • العذر الشرعي: يعذر الله العبد الذي يحول دون أدائه للتكليف عذر شرعي، مثل المرض أو السفر أو الفقر.

لايكلف الله نفسا

5. منحة الله وتيسيره

لايكلف الله نفسا

إن من رحمة الله بعباده، أنه لم يكلفهم إلا ما في وسعهم، بل إنه سهل عليهم العبادات والفرائض، ومنحهم من التيسير والرحمة ما يعينهم على أدائها، فقد جعل صلاة المسافر ركعتين بدلاً من أربع، وصيام رمضان في أيام قصيرة، والحج في أشهر محددة.

لايكلف الله نفسا

كما شرع الله تعالى رخصًا وتسهيلات للعباد في حالات العذر والمشقة، مثل الفطر للمريض والمسافر، وقصر الصلاة للمضطر، وتيمم الماء للمتيمم.

لايكلف الله نفسا

وهكذا، فإن الله تعالى لم يكلف عباده إلا ما في وسعهم، ويسر عليهم العبادات والفرائض، ومنحهم من التيسير والرحمة ما يعينهم على أدائها.

لايكلف الله نفسا

6. المساءلة والحساب

لايكلف الله نفسا

سيحاسب الله تعالى عباده يوم القيامة على ما كلفهم به، لكنه سيحاسبهم على قدر وسعهم وقدرتهم، كما قال تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [سورة التغابن: 16]، وسينال كل عبد جزاء عمله، سواء كان خيرًا أم شرًا.

لايكلف الله نفسا

فمن أدى ما كلف به على أكمل وجه، نال رضا الله تعالى وجنته، ومن تقاعس أو قصر في أداء ما كلف به، عوقب على تفريطه وتقصيره، لكن الله تعالى عادل رحيم، لا يظلم أحدًا، ولن يكلفه إلا بما يستطيعه.

لايكلف الله نفسا

7. الخلاصة

لايكلف الله نفسا

وفي الختام، فإن لا يكلف الله تعالى نفسًا إلا وسعها، وهو سبحانه وتعالى منزه عن الظلم والعدوان، وقد حدد حدود التكليف وأسباب التكليف، ويسر على عباده العبادات والفرائض، ومنحهم من التيسير والرحمة ما يعينهم على أدائها.

لايكلف الله نفسا

وعلى العبد أن يستشعر هذه الرحمة الإلهية، وأن يجاهد نفسه في أداء ما كلف به، وأن يتوكل على الله تعالى في إعانته وتوفيقه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *