حُكمُ الحَزينَةِ
الحَزينَةُ في اللُّغةِ مأخوذَةٌ من الحَزنِ، وهيَ الخِزانَةُ التي تُجمَعُ فيها الأموالُ، ويُقالُ: خَزَنَهُ حَزْناً أيْ وضَعَهُ في الخِزانَةِ، والحُكمُ الشرعيُّ فيها مُتَفرِّعٌ على حُكمِ الأموالِ؛ لأنَّها من جُملَةِ الأموالِ.
ملكةُ الحَزينَةِ
تنعَقِدُ مَلَكِيَّةُ الحَزينَةِ على المالِ الموجودِ فيها بثَلاثِ طُرُقٍ:
- أنْ يُوضَعَ فيها ابتداءً، سواءٌ كان ذلكَ من الحاكمِ أو غيرِهِ.
- أنْ تُنفَقَ الأموالُ المُستَفادَةُ من بيتِ المالِ، فما بَقِيَ منها منقَضِيَةٍ عادَ إلى الخِزانَةِ.
- أنْ تُحياةُ الأموالُ المواتُ، فما أشْرَفَ منها على الهلاكِ أُدخلَ في الخِزانَةِ.
حُكمُ المالِ الموجودِ في الحَزينَةِ
المالُ الموجودُ في الحَزينَةِ ثلاثةُ أنواعٍ:
- ما عَلِمَ مالكُهُ: فإن وُجِدَ مالكُهُ أُخرِجَ لهُ منهُ، وإنْ طالَ زمانُ إيداعِهِ.
- ما شكَّ في مالكِهِ: إنْ كان الموجودُ رُقعةً من الذهبِ أو الفضَّةِ بِلا علامَةٍ ولا صِفَةٍ، ونحوُ ذلكَ مما لا يعرفُ صاحبهُ: لَمْ يَجُزْ للإمامِ أنْ يَستعمِلَهُ حتى يُناديَ عليهِ كما يُنادي على اللُّقطَةِ، فإنْ ج جاءَ مالكُهُ أُخرِجَ لهُ منهُ، وإنْ لَمْ يأتِ مالكُهُ أُدخلَ في بَيتِ مالِ المسلمينَ.
- ما لم يُعلَمْ مالكُهُ: وهذا يكونُ على ضَربينِ:
- ما لهُ تَعلُّقٌ بالرَّعِيَّةِ: وهو ما يُحمَلُ من أراضيِهمْ، أو ما يُحضَرُ من بَلدَانِهمْ بِلا مالكٍ مَعرُوفٍ، ويتَصَرّفُ فيهِ الإمامُ على مَصلَحَةِ المُسلمينَ بحَسَبِ اجتهادهِ.
- ما ليس لهُ تَعلُّقٌ بالرَّعِيَّةِ: وهو ما يحمَلُ من بَلدَانِ الكُفَّارِ على وجهِ الغَنِيمَةِ، وهذا يكونُ للإمامِ ولا يَخمسُ، وإنْ كان في دارِ الحربِ خِزانَةٌ غيرُ معلومِ المالكِ منها، لا يتَصَرّفُ فيها أحدٌ، وليس عليها حارسٌ، فجائزٌ للإمامِ أنْ يَستولِي عليها ويتَصَرّفَ فيها.
حُكمُ ضَمانِ المالِ الموجودِ في الخَزينَةِ
مَنْ أودَعَ شيئاً في الخَزينَةِ بأمرِ الحاكمِ أو نائِبِهِ، فَضَمِنَهُ الحاكمُ أو نائِبُهُ، فذاك على الحاكمِ أو نائِبِهِ ضَمانُهُ، سواءٌ كان مُحرَّزاً أو غيرَ مُحرَّزٍ.
حُكمُ التَصَرُّفِ في المالِ الموجودِ في الخَزينَةِ
الإمامُ يتَصرَّفُ في المالِ الموجودِ في الخَزينَةِ على مَصلَحَةِ المسلمينَ بحَسَبِ اجتهادهِ، ولا يُنَازعُهُ أحدٌ في ذلكَ، ويجوزُ لهُ أن ينفِقَ منهُ في أَرزَاقِ العَساكِرِ، وبِنَاءِ القُصورِ، وشِراءِ الأملاكِ التي تَحتاجُ إليها المَصلَحَةُ، ونحوِ ذلكَ من حاجاتِ المُسلمينَ.
أحكامُ العُمَّالِ على الخَزينَةِ
يَعزِلُ الإمامُ عاملَ الخَزينَةِ إذا تبَيَّن لهُ تفريطُهُ أو خيانتُهُ أو غيرُ ذلكَ مما يَمنَعُ بقاءَهُ، ويُحاسِبُهُ عندَ عزْلِهِ على ما في يَدَيْهِ من أموالِ الخَزينَةِ، ويَتَتبَّعُ ما صَرَفَهُ منها ويُقَرِّرُهُ على ذلكَ، ولا بُدَّ من تُوقيعِ العَهْدِ عليهِ بِمُقتضى ذلكَ، ويستَحبُّ أنْ يُؤخَذَ منهُ كَفيلٌ يَتَكفَّلُ لهُ بالحِسابِ.
جوازُ إخراجِ أموالِ الخَزينَةِ إلى أيدِي النَّاسِ
يجوزُ للإمامِ أن يُخرِجَ شيئاً من أموالِ الخَزينَةِ إلى أيدِي النَّاسِ على وجهِ القَرضِ، وذلكَ إذا كانت أموالُ الخَزينَةِ زائدةً على حَاجَةِ المَصَالِحِ التي تُصرفُ فيها عادةً، فإنَّ الإمامَ يجوزُ لهُ أن يُقرضَ منها أهلَ الحاجَةِ المنضبطينَ بضَمانٍ وثيقٍ، وذلكَ بعدَ استِئذانِ أَهْلِ الحلِّ والعَقدِ، فإنْ أذِنُوا لهُ في ذلكَ جازَ لهُ، وإنْ لم يأذَنُوا لهُ لَمْ يَجُزْ لهُ.
خاتمة
الحَزينَةُ هيَ الخِزانَةُ التي تُجمَعُ فيها الأموالُ، ويُقالُ: خَزَنَهُ حَزْناً أيْ وضَعَهُ في الخِزانَةِ، والحُكمُ الشرعيُّ فيها مُتَفرِّعٌ على حُكمِ الأموالِ؛ لأنَّها من جُملَةِ الأموالِ. وتنعَقِدُ مَلَكِيَّةُ الحَزينَةِ على المالِ الموجودِ فيها بثَلاثِ طُرُقٍ: أنْ يُوضَعَ فيها ابتداءً، أو أنْ تُنفَقَ الأموالُ المُستَفادَةُ من بيتِ المالِ، أو أنْ تُحياةُ الأموالُ المواتُ. والمالُ الموجودُ في الحَزينَةِ ثلاثةُ أنواعٍ: ما عَلِمَ مالكُهُ، وما شكَّ في مالكِهِ، وما لم يُعلَمْ مالكُهُ. والإمامُ يتَصرَّفُ في المالِ الموجودِ في الخَزينَةِ على مَصلَحَةِ المسلمينَ بحَسَبِ اجتهادهِ، ولا يُنَازعُهُ أحدٌ في ذلكَ. ويجوزُ للإمامِ أن يُخرِجَ شيئاً من أموالِ الخَزينَةِ إلى أيدِي النَّاسِ على وجهِ القَرضِ، وذلكَ إذا كانت أموالُ الخَزينَةِ زائدةً على حَاجَةِ المَصَالِحِ التي تُصرفُ فيها عادةً. وأحكامُ العُمَّالِ على الخَزينَةِ مُهمَّةٌ ويَجبُ أنْ يُؤدُّوها على أكْمَلِ وَجهٍ.
