تفسير “إن أكرمكم عند الله أتقاكم”
مقدمة
بين الله تعالى في هذه الآية الكريمة أن مقياس الكرامة والشرف الحقيقي هو التقوى، وأنها هي التي تجعل الإنسان عزيزاً مكرمًا عند الله تعالى، بغض النظر عن أي معايير أخرى قد يتباهى بها الناس. وهذا المبدأ القرآني يمثل نقلة نوعية في قيم المجتمعات ويؤكد على أهمية الأخلاق والفضيلة.
1. تعريف التقوى
التقوى هي الخوف من الله تعالى والخشية من عقابه والحذر من مخالفته، وهي نابعة من الإيمان العميق بالله وبصفاته وبأن له سلطاناً وقدرة على كل شيء، وأن جزاءه عظيم لمن يعمل الصالحات ومن يعصيه.
2. مظاهر التقوى
تتجلى التقوى في جميع أقوال وأفعال المؤمن، فهي تحفظه عن الوقوع في المعاصي والخطايا وتدفعه إلى القيام بالواجبات والطاعات، كما تجعله حريصاً على اكتساب الفضائل والأخلاق النبيلة.
3. آثار التقوى
إن التقوى تجعل الإنسان محبوباً عند الله وملائكته وعباده الصالحين، كما أن لها آثاراً إيجابية كبيرة على الفرد والمجتمع، فهي تحمي الإنسان من الوقوع في المهالك وتسعده في الدنيا والآخرة.
4. التقوى ومقامات الإحسان
يعتبر الإحسان أعلى مراتب التقوى، وهو أن يعبد الله تعالى كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، والإحسان من شأنه أن يجعل المؤمن حريصاً على تكثير الطاعات ومداومة العبادات.
5. التقوى والتوكل
التوكل على الله تعالى من ثمار التقوى، فالمتقون يثقون بالله ويعتمدون عليه في جميع أمورهم، وهذا التوكل يجعلهم مطمئنين في حياتهم وراضين بقضاء الله وقدره.
6. التقوى والزهد
الزهد عن الدنيا من ثمار التقوى، فالمتقون لا يتعلقون بالدنيا ولا يحرصون على زينتها وإنما يرونها دار ممر لا دار مقر، وهذا الزهد يجعلهم يعيشون في الدنيا عيشة طيبة خالية من التعلق والحرص.
7. التقوى والخوف من الله
الخوف من الله تعالى من صفات المتقين، فهذا الخوف ليس خوف مذلة وإنما هو خوف محبة كخوف الولد من والده، وهذا الخوف يدفع إلى تقوى الله ومراقبته في السر والعلن.
خاتمة
إن التقوى هي أساس الكرامة والشرف الحقيقي عند الله تعالى، وهي صفة يتحلى بها الأخيار من عباده، ومن يجعل التقوى نصب عينيه ويحرص عليها نال سعادة الدارين، ولله الحمد والمنة.