والله ولي التوفيق
تعتبر عبارة “والله ولي التوفيق” من العبارات الشائعة الاستخدام بين المسلمين، وهي تعبر عن التوكل على الله تعالى في جميع الأمور، والإيمان بأنه هو وحده القادر على إنزال التوفيق والنجاح على عباده، ولذلك نجد أن الكثير من الناس يختمون بها أعمالهم أو أقوالهم، دلالة على صدق إيمانهم وتوكلهم على خالقهم.
1. التوفيق من الله وحده
إن التوفيق هو هداية الله تعالى للعبد إلى سبيل الخير والصواب، وهو منحة ربانية لا يقدر عليها إلا الله وحده، فمهما بذل الإنسان من أسباب ومقدمات، فإنه لن ينال التوفيق إلا بتوفيق الله تعالى له، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (العنكبوت: 69).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم”.
لذلك فإن المسلم عندما يقول “والله ولي التوفيق” فهو يعترف بأن كل أسبابه وأعماله لا تنفع شيئًا إذا لم يتفضل الله عليه بالتوفيق، وأن الله تعالى هو وحده من يهديه إلى الطريق المستقيم.
2. التوفيق يلازم المتقين
إن التوفيق مقرون بالتقوى والإيمان، فمن اتقى الله وأخلص له، وفقه في دينه ورزقه من حيث لا يحتسب، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ (الطلاق: 2-3).
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعًا، ومن تقرب إلي ذراعًا تقربت إليه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة”.
والتوفيق أيضًا يلازم المحسنين، فمن أحسن إلى الناس ودعا لهم بخير، أحسن الله إليه وجعل توفيقه رفيقه، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (العنكبوت: 69).
3. أسباب نزول التوفيق
ولنزول التوفيق أسباب عديدة، منها: التوكل على الله، وحسن الظن به، والعمل الصالح، والإخلاص لله تعالى، والإلحاح في الدعاء، واتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
فمن توكل على الله حق توكله، ووثق به أنه لن يضيعه، وفقه في دينه ورزقه من حيث لا يحتسب، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ (الطلاق: 3).
ومن حسن ظنه بالله، ورزقه ما يتمنى، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ (الطلاق: 2-3).
4. فضل التوفيق من الله
إن التوفيق من فضل الله تعالى وكرمه على عباده، وهو أسمى درجات الإحسان، فمن وفقه الله فقد نجا في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (آل عمران: 79).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين”.
فالموفق في الدنيا هو الذي هداه الله إلى طريق الصواب، وألهمه رشد عقله، ويسر له أسباب النجاة والفوز، والموفق في الآخرة هو الذي كتب الله له السعادة الأبدية في الجنة.
5. العبد في حاجة إلى توفيق الله
إن العبد في حاجة ماسة إلى توفيق الله تعالى في جميع أموره، فمهما بلغ من علم أو مال أو جاه، فإنه لن ينجح أو يتوفيق إلا بتوفيق الله له، قال الله تعالى: ﴿وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا﴾ (الإسراء: 74).
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما من عبد يقول عند صباحه ومسائه: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بك أن أغتال من تحتي، إلا حفظ الله تعالى في ذلك اليوم والليلة”.
لذلك يجب على المسلم أن يكثر من الدعاء بالتوفيق، وأن يسأل ربه أن يعينه على طاعته والتقرب إليه، قال الله تعالى: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ (غافر: 60).
6. معنى “والله ولي التوفيق”
عبارة “والله ولي التوفيق” تعني أن التوفيق بيد الله وحده، وأنه هو وحده القادر على أن يوفق العبد وييسر له أسباب النجاح، وأن العبد لا يملك من نفسه شيئًا، ولا يقدر على أن يتصرف في أموره إلا بإذن الله تعالى وتوفيقه.
وعليه فإن المسلم عندما يقول “والله ولي التوفيق” فهو يعترف بأن كل أعماله وأقواله بيد الله تعالى، وأنه لا حول ولا قوة له إلا بالله العلي العظيم.
لذلك يجب على المسلم أن يتوكل على الله في جميع أموره، وأن يسأله التوفيق في كل ما يقوم به، وأن يترك عنه الغرور والكبر، وأن يجعل الله ملجأه وملاذه.
7. أهمية التوكل على الله
إن التوكل على الله من أهم أسباب نزول التوفيق، فمن توكل على الله حق توكله، وفقه في دينه ورزقه من حيث لا يحتسب، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ (الطلاق: 3).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين”.
والتوكل على الله لا ينافي الأخذ بالأسباب، بل يجب على المسلم أن يجتهد ويبذل كل ما في وسعه، ثم يتوكل على الله في النتيجة، قال الله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ (النجم: 39).
إن التوفيق من الله تعالى منحة عظيمة لا يقدر عليها إلا الله وحده، وهو يلازم المتقين المحسنين، وتنزل أسباب التوفيق بالتوكل على الله وحسن الظن به والعمل الصالح والإخلاص لله تعالى والإلحاح في الدعاء واتباع سنة النبي صلى الله عليه