العام الهجري الجديد يطل علينا بنفحاته الزكية
إن السنة الهجرية الجديدة تحمل في طياتها الكثير من الخير والبركات، فهي مناسبة دينية عظيمة نستذكر فيها هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة، والتي كانت نقطة تحول في تاريخ الإسلام، وبداية نشر رسالة التوحيد في العالم.
هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم
لقد كانت هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة حدثًا تاريخيًا كبيرًا، فقد كان بمثابة انتقال من مرحلة الاضطهاد والتنكيل إلى مرحلة الحرية وبناء الدولة الإسلامية، وقد واجه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكثير من الصعوبات والتحديات خلال رحلة الهجرة، لكنهم تمكنوا من الوصول إلى المدينة المنورة سالمين، حيث أسسوا أول دولة إسلامية وقاعدة لنشر رسالة الإسلام.
ويمثل الاحتفال بالسنة الهجرية الجديدة تجديدًا لذكرى الهجرة النبوية الشريفة، والتي تعتبر رمزًا للشجاعة والمثابرة والتضحية في سبيل إعلاء كلمة الله، كما أنها مناسبة للتأمل في الدروس والعبر المستفادة من هذه الهجرة المباركة.
الهجرة في السنة النبوية
لقد حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على الهجرة في سبيل الله، فقال: “من هاجر في سبيل الله، فمات فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله، فمات فهو شهيد، ومن مات في طاعون، فمات فهو شهيد، ومن مات ببطنه، فمات فهو شهيد، والغريق شهيد، والمرأة تموت بوجعها، فتموت شهيدة”، وهذا يدل على عظم فضل الهجرة في سبيل الله، وأنها سبب لنيل الشهادة ومغفرة الذنوب.
ولا تقتصر الهجرة في مفهومها على الهجرة الجغرافية فقط، بل تشمل أيضًا الهجرة من الذنوب والسيئات إلى الطاعات والقربات، وهي هجرة واجبة على كل مسلم، وقد حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم عليها بقوله: “بادروا بالأعمال الصالحة، فإن فتنة كقطع الليل المظلم، يُصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويُمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل”.
فضل السنة الهجرية
إن للسنة الهجرية فضلًا عظيمًا، فهي بداية لتاريخ جديد للإسلام والمسلمين، وقد خصها الله تعالى بعبادات خاصة، كصيام عاشوراء والحج، كما أنها مناسبة للتوبة والرجوع إلى الله والإكثار من الأعمال الصالحة.
ومن فضائل السنة الهجرية أيضًا أنها فرصة لتجديد العزم والإصرار على نشر رسالة الإسلام والعمل على إعلاء كلمة الله، فهي مناسبة للدعوة إلى الله تعالى وتعليم الناس أحكام دينهم وهدايتهم إلى طريق الحق والصواب.
الصحابة الذين هاجروا مع الرسول
رافق الرسول صلى الله عليه وسلم في هجرته إلى المدينة المنورة عدد كبير من أصحابه رضوان الله عليهم، وكان من أبرزهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، وقد هاجر هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم إلى المدينة المنورة تاركين خلفهم ديارهم وأموالهم، رغبة منهم في نصرة الإسلام وإعلاء كلمة الله تعالى.
ومن الصحابة الذين هاجروا مع الرسول صلى الله عليه وسلم أيضًا حمزة بن عبد المطلب وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وسعد بن أبي وقاص وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي، وغيرهم الكثير من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وقد لعب هؤلاء الصحابة دورًا مهمًا في نشر الإسلام وبناء الدولة الإسلامية.
أحداث مهمة في السنة الهجرية الجديدة
تتضمن السنة الهجرية الجديدة الكثير من الأحداث والمناسبات المهمة، مثل:
- ذكرى هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة.
- صيام عاشوراء في العاشر من شهر محرم.
- الحج إلى بيت الله الحرام في شهر ذي الحجة.
- رأس السنة الهجرية في الأول من شهر محرم.
- المولد النبوي الشريف في الثاني عشر من شهر ربيع الأول.
وهذه المناسبات وغيرها تعد من الفرص المهمة للتأمل في معاني الإسلام وقيمه، والتجديد في العبادة والإخلاص، والعمل على نشر الخير والبركات بين الناس.
السنة الهجرية فرصة للعمل الصالح
إن السنة الهجرية الجديدة هي فرصة عظيمة للعمل الصالح والفوز برضا الله تعالى، ومن الأعمال الصالحة التي يمكن القيام بها في هذه السنة:
- الإكثار من تلاوة القرآن الكريم وتدبر معانيه.
- إقامة الصلاة المفروضة في وقتها.
- صيام النوافل كصيام عاشوراء وصيام ست من شوال.
- التصدق على الفقراء والمحتاجين.
- صلة الأرحام وزيارة الأقارب.
وهذه الأعمال وغيرها من الأعمال الصالحة تجلب للإنسان السعادة والبركة في الدنيا والآخرة، وتقربه من الله تعالى وتزيد من حسناته.
في الختام
إن السنة الهجرية الجديدة هي مناسبة دينية عظيمة لها فضل كبير، ينبغي على المسلمين اغتنامها بالعمل الصالح والتأمل في معاني الإسلام وقيمه، والعمل على تجديد العزم والإصرار على نشر رسالة الإسلام والعمل على إعلاء كلمة الله، ففي هذه السنة فرصة عظيمة لمراجعة النفس وتصحيح المسار ونيل رضى الله تعالى.