ولئن شكرتم لازيدنكم
وردت الآية الكريمة “وَلَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ” في سورة إبراهيم الآية 7، وهي من الآيات التي تحمل معاني جليلة وأحكامًا عظيمة، والتي تدعو الإنسان إلى شكر الله تعالى على نعمه الكثيرة، وتوعده بالمزيد من النعم حال شكره، والعذاب الشديد حال كفره.
فضل الشكر
إن الشكر لله تعالى من أعظم العبادات وأجلها، وهو من صفات المؤمنين الصادقين، الذين يعرفون قدر نعم الله عليهم، فيحمدونه عليها ويظهرون امتنانهم لها، وقد حثنا الله تعالى على الشكر في كتابه الحكيم في آيات كثيرة، ومنها قوله تعالى: “وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا”.
ومن فضائل الشكر أنه سبب لزيادة النعم، كما قال تعالى: “وَلَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ”، وقد ثبت ذلك في السنة النبوية عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أنعم الله عليه نعمة، فقال: الحمد لله الذي أعطاني هذه النعمة بغير حول مني ولا قوة، فقد أدى شكرها، ومن قال: أعطاني هذه النعمة فضل من الله رزقنيها، فقد كفرها”.
آثار الشكر
لشكر لله تعالى آثار عظيمة على الفرد والمجتمع، ومنها:
زيادة النعم: كما قال تعالى: “وَلَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ”.
دفع النقم: فالشكر سبب لدفع البلاء وإحلال النعم، كما قال تعالى: “وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ”.
عون الله تعالى: فالشكر سبب لنصرة الله تعالى وتوفيقه، كما قال تعالى: “وَلَنَنْصُرَنَّ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ”.
دخول الجنة: فالشكر سبب لدخول الجنة ونيل رضوان الله تعالى، كما قال تعالى: “وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوفِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ”.
أسباب الكفر بالنعمة
الكفر بالنعمة هو جحودها وعدم الاعتراف بها، أو التقليل من شأنها، وقد ذكر الله تعالى أسبابًا كثيرة للكفر بالنعمة، ومنها:
الجحود: وهو عدم الاعتراف بنعم الله تعالى، أو نسيانها وكأنها لم تكن.
التكبر: وهو الاستعلاء على نعم الله تعالى، أو رؤية أنها من حقه لا من فضل الله.
المعصية: وهي مخالفة أوامر الله تعالى وارتكاب نواهيه، فالمعصية سبب لكفر النعمة وإزالتها.
عواقب الكفر بالنعمة
الكفر بالنعمة له عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع، ومنها:
زوال النعم: فالكفر بالنعمة سبب لزوالها وإحلال النقم مكانها، كما قال تعالى: “وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ”.
حلول البلاء: فالكفر بالنعمة سبب لحلول البلاء والشدائد، كما قال تعالى: “وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ”.
دخول النار: فالكفر بالنعمة سبب لدخول النار والخلود فيها، كما قال تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا أُخَرَ لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ”.
طرق شكر النعمة
هناك طرق كثيرة لشكر النعمة، منها:
حمد الله تعالى وشكره، سواء باللسان أو بالقلب أو بالعمل.
الاعتراف بالنعمة وعدم التكبر عليها.
استخدام النعمة في طاعة الله تعالى وعبادته.
دعوة الآخرين إلى شكر الله تعالى.
الرضا بما قسم الله تعالى، وعدم التذمر أو الشكوى.
فالشكر لله تعالى من أعظم العبادات التي تقرب العبد من ربه، وتجلب له السعادة في الدنيا والآخرة، فنسأل الله تعالى أن يوفقنا لشكر نعمه الظاهرة والباطنة، وأن يحفظها علينا ويزيدنا منها.