يارب أنت تعلم ما في قلبي
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
يا رب أنت تعلم ما في قلبي، أسراره وخفاياه، همومه وأفراحه، أحلامه وآلامه. أنت تعلم ما لا يعلمه أحد من خلقي، أنت العليم بما تخفي الصدور وبما تزخر به النفوس.
القلب وعلاقته بالله
القلب هو وعاء الإيمان ومقر الحب والخشية والتقوى. هو الذي يرتبط بالله تعالى ويتعلق به، وهو الذي يناجي ربه ويدعوه ويسأله. والقلب السليم هو الذي يقبل الهدى والإرشاد، ويخشى الله ويتجنب المعاصي.
والله تعالى هو مالك القلوب وهو المتصرف فيها، وهو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء. والقلب الذي هداه الله هو القلب الذي انفتح للإيمان وأقبل على طاعة الله.
وعلى المسلم أن يسأل الله تعالى أن يهديه قلبه وينعم عليه بالإيمان والتقوى. وأن يعصمه من الفتن والشكوك وأن يثبته على دينه.
أسرار القلوب
أسرار القلوب لا يعلمها إلا الله تعالى، وهو الذي يطلع عليها ويحاسب عليها. والقلب هو موطن الأسرار وهو وعاء الأفكار والمشاعر والعواطف. وهو الذي يخفي ما يكره صاحبه أن يطلع عليه أحد، وهو الذي يضمر ما لا يبوح به صاحبه لأحد.
وقد حذرنا الله تعالى من سوء الظن بالقلوب، وحثنا على حسن الظن بها. فالقلب وعاء للإيمان، وهو الذي يرتبط بالله تعالى ويتعلق به. فلا يجوز أن نظن بالقلوب السوء، بل يجب أن نحسن بها الظن وأن ندعو الله تعالى أن يهديها ويصلحها.
وعلى المسلم أن يراقب قلبه ويحاسبه على ما يضمر، وأن يجاهد نفسه على طاعة الله تعالى وعلى ترك المعاصي. وأن يطلب من الله تعالى العون والتوفيق في ذلك.
هموم القلوب
القلوب تحمل همومًا كثيرة ومتنوعة. فهناك هموم الدنيا وهموم الآخرة، وهموم النفس وهموم الأهل والأولاد. والهم هو ما يشغل القلب ويثقله ويحزنه.
وعلى المسلم أن لا ييأس ولا يقنط من رحمة الله تعالى، وأن يتوكل عليه في جميع أموره. وأن يصبر على ما يصيبه من هموم الدنيا، ويرجو ثواب الله تعالى في الآخرة.
وعلى المسلم أن يستعين بالله تعالى في دفع همومه، وأن يدعو الله تعالى أن يكشفه عنه. وأن يكثر من ذكر الله تعالى، فإن ذكر الله تعالى يطرد الهم والحزن.
أفراح القلوب
القلوب تفرح بما تحب وتتعلق به. فمن أحب الله تعالى ورضي به ربا وأحبه قلبه وأنس به. ومن أحب الدنيا وتعلق بها أحبه قلبه وأنس بها.
وعلى المسلم أن يفرح بما يقربه من الله تعالى، ويسعد بما يرضي الله تعالى. وأن لا يفرح بما يغضب الله تعالى، ولا ينشغل بما يبعده عن الله تعالى.
وعلى المسلم أن لا يفرح بما عنده من متاع الدنيا، فإن متاع الدنيا زائل. وأن لا يحزن على ما فاته منها، فإن ذلك من صبر المؤمنين.
آلام القلوب
القلوب تتألم لما تكره وتبغضه. فمن كره الله تعالى وأبغضه كرهه قلبه وأبغضه. ومن كره الدنيا وتعلق بالآخرة كرهه قلبه وتعلق بالآخرة.
وعلى المسلم أن يتحمل آلام الدنيا بعزاء الآخرة، وأن يصبر على ما يصيبه من أحزان الدنيا راجيًا ثواب الله تعالى في الآخرة.
وعلى المسلم أن لا يتعلق قلبه بالدنيا، فإن الدنيا دار فانية. وأن لا يغتر بما فيها من زينة وزخرف، فإن ذلك من غرور الحياة الدنيا.
أحلام القلوب
القلوب تحلم وتتطلع إلى ما تحب وتشتهي. فمن أحب الله تعالى ورضي به ربا أحبه قلبه وتطلع إلى لقائه. ومن أحب الدنيا وتعلق بها أحبه قلبه وتطلع إلى متاعها.
وعلى المسلم أن لا يتعلق قلبه بما لا يملك، وأن لا يتطلع إلى ما لا ينال. وأن يرضى بما قسم الله تعالى له، وأن يسعى في رزقه من حلال.
وعلى المسلم أن لا يحلم بما لا يمكن تحقيقه، وأن لا يبني آماله على أماني كاذبة. وأن يتوكل على الله تعالى في جميع أموره، ويرضى بما قسم الله تعالى له.
خاتمة
يارب أنت تعلم ما في قلبي، أسراره وخفاياه، همومه وأفراحه، أحلامه وآلامه. أنت تعلم ما لا يعلمه أحد من خلقي، أنت العليم بما تخفي الصدور وبما تزخر به النفوس.
اللهم اهد قلبي ويسره لذكرك، وارزقني حلاوة مناجاتك، واعني على شكرك وطاعتك، وتوفني وأنت راض عني.
والحمد لله رب العالمين